في برنامج نقطة حوار على موقع هيئة الإذاعة البريطانية تحت عنوان :تونس: خريطة طريق الرئيس سعيد حل للأزمة أم تعقيد لها؟
ورد التالي:
قال عادل البرينصي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس إن الرئيس قيس سعيد لم يستشر الهيئة،
بخصوص الاستفتاء بشأن تعديل الدستور أو الانتخابات التشريعية القادمة المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول العام المقبل.
واعتبر البرينصي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن الاستشارات الإلكترونية التي أعلنها سعيد كطريقة من طرق الاستفتاء ليس لها سند قانوني.
وأكد ضرورة توفر إجماع وطني بشأن تنظيم هذا الاستحقاق الانتخابي، مع ضرورة توفر مناخ عام وثقة بالصندوق ونتائجه.
وأشار إلى أن هيئة الانتخابات هي المخولة بتحديد تاريخ الانتخابات وفق الدستور، بعد الاتفاق مع الأحزاب أو مع السلطة التنفيذية.
وأشار إلى أن تاريخ الانتخابات تتم فيه مراعاة عدة اعتبارات وعوامل مناخية واجتماعية حتى يتمكن الناخبون من المشاركة.
وأضاف أن الانتخابات التشريعية والرئاسية تتطلب تنظيما لوجستيا نظرا لما تتضمنه من دعوة الناخبين
وقبول الترشيحات والحملات الانتخابية، ما يتطلب ما بين ستة وثمانية أشهر لتنظيمها وفق المعايير الدولية.
خريطة طريق جديدة
كان الرئيس التونسي قيس سعيد، وفي خضم مطالب محلية ودولية بالإعلان عن خارطة لإنهاء «الإجراءات الاستثنائية»
التي أقال بموجبها الحكومة وجمد أعمال مجلس النواب،
قد أعلن الاثنين 13 ديسمبر/كانون الأول تنظيم استفتاء وطني بشأن إصلاحات دستورية في 25 يوليو/تموز المقبل إضافة إلى إجراء انتخابات تشريعية في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022.
كما كشف سعيد عن تنظيم مشاورات “شعبية” عبر الإنترنت بداية من يناير/كانون الثاني القادم بشأن الإصلاحات التي يجب إدخالها على النظام السياسي القائم في البلاد.
وأشار سعيد إلى أن عمل مجلس النواب سيظل معلقا حتى انتخاب البرلمان الجديد.
وأكد الرئيس أن هذه القرارات تهدف إلى تمكين الشعب من التعبير عن إرادته وتوفير مقترحات للإصلاحات القانونية والدستورية، على حد وصفه.
رفض لقرارات سعيد
وقدأعلنت عدة أحزاب من بينها حركة النهضة رفضها وإدانتها لقرارات سعيد.
كما أعلنت مجموعة من الشخصيات الوطنية والسياسية ومستقلون وعدد من نواب البرلمان المعلقة أعماله تأسيس «اللقاء الوطني للإنقاذ»
الذي يهدف إلى «إيجاد مشروع لتحقيق الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي وكذلك العودة إلى الديمقراطية التمثيلية»،
وفق ما بينه نجيب الشابي أحد مؤسسي هذا اللقاء.
وموعد الاستفتاء هو ذكرى إعلان الجمهورية التونسية والذكرى السنوية
لإجراءات سعيّد المفاجئة بتعليق البرلمان وإقالة رئيس الوزراء والسيطرة شبه الكاملة على السلطة التنفيذية.
وتجاهل سعيّد في سبتمبر/أيلول غالبية بنود دستور 2014 ، وقال إنه يستطيع الحكم بمرسوم خلال فترة إجراءات استثنائية، متعهدا بإجراء حوار حول المزيد من التغييرات.
واعتبر الرئيس في مناسبات عدة أن الدستور الحالي لم يعد صالحا. وأقر النص عام 2014 وأنشأ نظاما مختلطا يعطي للبرلمان والحكومة صلاحيات أوسع من رئاسة الجمهورية.
ونددت مذاك منظمات تونسية ودولية عدة بـ«استيلاء» الرئيس على السلطة، وأعربت عن خشيتها على الحقوق والحريات العامة في تونس.
ومن بين النقاط الأخرى التي طرحها سعيد مشروع قانون الصلح الجزائي الذي ينوي عقده مع رجال الأعمال «الفاسدين» مقابل تعهدهم بمشاريع في الجهات الفقيرة. كما دعا الرئيس التونسي القضاء إلى محاكمة كل من «أجرم في حق الدولة».
مشكلة التبعية للقوى المتسلطة بالخارج
ونقول: حين يتحكم حاكم بمصير شعب ليعزل من شاء ويبدل ما شاء دون سند من دستور قانون -سوى استغلال الثغرات في تلك المواثيق-
وكذلك دون سبب حقيقي يبرر له هذا التجوز استغلالا لسلطته
فاعلم أن ثمة مشكلة أصلية (مشكلة التبعية للقوى المتسلطة بالخارج) هذه علاماتها وليست تلك مشكلة مستقلة عن مثيلاتها في بلداننا الأخرى
وخاصة بلدان الربيع العربي التي حاولت كسر حصار الفساد والتبعية ،
ويحدث هذا دون ردة فعل شعبية متناسبة تدافع عن حقها في الاختيار ومع صمت عالمي وتواطؤ واضح وتشجيع معلن أو خفي
مناقشة التفاصيل هنا مضيعة للوقت وتدنيا لوهدة الردود التي تنسي المشاكل الأصلية التي تعد هذه الظواهر مجرد إفرازات لأسبابها
المشاكل الأصلية تتمثل في أن بلادنا لا يزال متحكما فيها من قبل قوى التسلط العالمي من المحتلين السابقين ووكلائهم الإقليميين والمحليين
وهؤلاء بشكل أو بآخر يتحكمون في الدولة ورجالها الأساسيين ومفاصلها بشكل كبير
ولا يخرج عن سيطرتها إلا جزءا من الشعوب بعضهم في المواقع المتوسطة للحكومات وقلة من المفكرين الأحرار
بينما تقع البقية من قيادات الدولة بين براثن التحكم العالمي يسمعون ويطيعون ويتحركون كقطع شطرنج في ساحة مرسومة لا يقدرون على تجاوزها
هذه القيادات -التي تتداول الكراسي والأقنعة- موجودة في كل مكان في البلاد
بدءًا من رئاسة الدول وفرقهم المساعدة ومرورا بالمجالس النيابية وأماناتها الداخلية والقضاء
والجيوش والشرطة والمخابرات والإعلام وانتهاء بالوزارات ومفاصلها
والصفوف العليا والمتوسطة فيها متواطئون في الأغلب أو مهددون فيتغاضون؛
إلا من رحم الله من شرفاء لا يملكون إلا الصمت وينتظرون فرصا أفضل للفعل الوطني في أجواء فاسدة متسلطة
وحتى المنظمات المستقلة والمنظمات غير الحكومية وجهات المعارضة ومؤسساتها الإعلامية
وجمعيات حقوق الإنسان لا تسلم من هذا بشكل أو آخر فنراها مخترقة مفرغة من محتواها وقد رضيت أن تلعق الأقدام لتنال الفتات
وهذا ليس إمعانا في تصور المؤامرات وإنما إدراكا لواقع تشكل مع إسقاط الخلافة -وكل صور الاتحاد-
الحماية والوصاية المسماة الدولية
واقتسام الدول تحت الحماية والوصاية المسماة الدولية فصارت الإرادة المستقلة للدول حلما بعيد المنال
فدول خاضت حروبا أودت بحياة ملايين من البشر وأبادت مدنا من على وجه الأرض
أو نزعت الحياة من مدنيين مسالمين كهيروشيما ونجازاكي أو روجت لأفكار كالنازية وأشباهها
وأفرزت نظما للفصل العنصري في جنوب إفريقيا وأمريكا
أو قامت باضطهاد شعوب بأكملها كأهل فلسطين ومنها غزة والجزائر (التي مات فيها ملايين بسبب الاستعمار الفرنسي) والعراق وأفغانستان
وما قتل فيهما من الأبرياء تحت دعاوى متكلفة لن تتوقع منهم التعامل بهدوء وإنصاف مع غيرهم من الشعوب
وخاصة حين يتعارض الأمر مع مصالحهم وينتقص ذلك مما تنهبه من تلك الشعوب
انظر ببساطة لتحكمات في الشؤون الاقتصادية والتسلط لصالحهم ومن دعم الاستبداد السياسي
وفي توطيد أقدام الحكام الفسدة والقتلة والدكتاتوريين والتآمر ومحاولات استبدال او تنغيص حياة من يحاول أن يتململ من الحكام أو الشعوب كيف يكون مصيرهم؟
سحق إرادة الشعوب
منظومة نظام عالمي جائر يتعاون فيه حكام من دول متنوعة فيه ربما تختلف توجهاتهم ومصالحهم فيما بينهم؛
ولكنهم اتفقوا على تقسيم العالم بينهم متعاضدين سويا ومعهم كتائب من عملاء وأذناب صريحين ويتدرجون فيما بينهم،
حتى الفسدة أولئك لديهم القدرة العجيبة على التكيف مع أي واقع يمكنهم المحافظة على وجودهم من خلاله من خلال تفريغ مضمون المبادئ لتصبح صورا أخرى تقبل الفساد
وبعد ذلك حين نستوعب هذا فلن نستغرب من هذه الثقة التي يستمدها قيس وأمثاله من الجيران والزملاء
فكلهم يدرك قيمة ما يقدمه لأسياده ويتكئ على دعمهم في سحق إرادة شعوبهم
لن نستغرب أنه يصدق نفسه -أو لا يصدقها- وهو يمحو كل أثر لثورة شعبه ومكتسباته ومؤسساته تحت دعاوى مضللة
يزعم أن ثمة مشكلات أو تسلطات فهو الذي يسبب المشكلة ثم يضع خارطة طريق لحلها
تماما مثل جاره الذي زعم أن سابقيه أخذوا معهم السلم لأعلى بينما هو سرق السلم وباعه وانفرد بالأمر وقال من يقترب منه أزيله من على وجه الأرض
أو كالذين ارتكبوا جرائم حرب في حقوق شعبهم ثم يترشحون بمباركة وتواطؤ في دولة أخرى مجاورة
أو كالجيش الذي فرض نفسه في الجارة الثالثة مزيلا لكل رغبة لشعبه في الوصول لحياة مستقلة كريمة
ولا فكاك لهذه الشعوب سوى أن تدرك مسؤوليتها وتدعم قرارها وتحمي هويتها وتسعى لاستقلالها فهنا بحق تكون على مستوى قرارها وحضارتها