ثمّة نقاط لابد من تسجيلها:
(1)
ليس غريباً أن يحصل هذا التفاعل مع حادثة قتل شيرين أبو عقالة؛ فلقد كانت تنقل الأخبار عن واقعنا الفلسطيني الممزوج بالدم والحرب والهدم والشهداء،
وكانت حريّة بالجهد الجاد الإعلامي المتواصل والدؤوب في نقل الحدث على ما هو عليه.
(2)
لا أظنّ أنَّ مسلماً أو إنساناً إلا وقد تأثّر على جريمة قتلها.
وإنَّ حزن المسلم على المصاب الذي وقع على بني جنسه ظلماً وعدواناً، مما يؤجر عليه؛
فهذه علامة على كراهية وقوع الشر والظلم والعدوان حتى على غير المسلمين،
فكيف إذا كان ذلك ظلماً واستهدافاً واعتداءً على صحفية أرادت أن تنقل خبراً ليس أكثر.
إنَّه اعتداء على مظلومة مقهورة، والظلم والعدوان على الإنسان خطير،
والإنسان بنيان الله في أرضه من اجترأ عليه وقتله فلقد تعرَّض لهدم بنيان الله في أرضه، ومن كان كذلك هدمه الله!
وحسبك بقول الله تعالى: {أنّه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً}.
من الملاحظ أنّ هذه الآية كتبها الله على بني إسرائيل حتى ينتبهوا ويرتدعوا أن تلغ أيديهم في دماء الأبرياء؛
لكنها صفتهم التي لا يُفارقونها بل يتّسمون بها القتل وليس إلا القتل، ولكنهم لا يعقلون وهم القوم المسرفون!
(3)
لابد أن تكون هذه صيحة حقيقيّة لبيان أنّ الاحتلال ما حلّ في مكان إلا وحلّ فيه الخراب والدمار والدم، وأنّها كانت ضحيّة عدوانه وجرائمه، وأنَّ الاحتلال يريد قتل نقلةالحقيقة، واغتيال الشهود على ظلمه وجرائمه.
(4)
ثمّة عاطفة في بلادنا وغيرها بسبب الحزن والوجد على صحيفة مظلومة قتلت برصاص الاحتلال؛
كانت مؤديّة لإطلاق بعض العبارات التي لا تتفق معها عقيدتنا الإسلامية.
مثل وصف من قُتلَ مظلوماً على يد الاحتلال أنّه شهيد أو الدعاء لها بالرحمة أو رقي روحها إلى السماء، وغير ذلك..
فنحن ندرك أنَّ الدين الحق هو الإسلام وما سواه باطل.
وأنَّ مقتضيات الإيمان بالله واليوم الآخر التصديق بشهادة أنَّ محمداً رسول الله ونفي الشريك عن الله،
وإن من شهد بذلك فإنَّ شهادته في سبيل الله،
ومن قتِل من المسلمين كان من الشهداء فالله تعالى علّق وصف الشهادة بالإسلام فقال:
{ولِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا ويَتَّخِذَ مِنكم شُهَداءَ واللَّهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ} ولاحظ قوله: {منكم} أي من المسلمين.
فما نجده من أوصاف تجاه غير المسلمين ممن قتلوا ظلماً وعدواناً؛
فإنَّ في بعض الإطلاقات والأوصاف مجاوزة للإطار الشرعي، وسببه تاره الحزن على مصابٍ جللٍ،
أو الجهل ببعض الأحكام الشرعية، أو تلبيس بعض الناس في عرض حقائق الدين،
وكل هذا لا يستقيم مع الهدى ودين الحق.
(5)
وثمّة مغالاة من طرفٍ آخر في الحكم على الأعيان من موتى غير المسلمين في بيان ذكر مصيرهم الأخروي، وهذا ما لا يطلّع عليه أحدٌ إلا الله؛
فإنّ من معتقد أهل السنة أنّه لا يشهد لوفاة مسلم معيّن بجنّة، ولا يشهد لوفاة غير مسلمٍ بالنار؛
فهذا ليس من اختصاصنا، ونحن لنا ظاهر الأمر، والله هو الذي يدبر الأمر ويُقدّره ويحكم به وينفذ فيه حكمه وهو الأعلم بالضمائر والسرائر.
(6)
ليس من المسؤولية الفردية دوام الخوض في سجالات وجدالات دائمة بعد وفاة غيرٍ مسلم؛ حتى تبدأ الفئات في حالات اصطفاف، وحالة جماهيرية،
وذاك يجرح والآخر يردح وذاك يصفّق لمن فعل هذا أو ذاك وكأنّنا في نادي كرة،
أو في حفل شواء كل واحدٍ منّا يريد أن ينهش ما يجده أمامه، وهذا سينجم عنه كثير من الاحتقان بين المسلمين.
وهي كذلك قد تكون وسيلة لاستغلال الأعداء لإيقاد الفتن بين المسلمين أنفسهم أو بينهم وغيرهم، والواجب توفيت الفرض على العدو الصهيوني المحتل،
خاصّة وأنّنا نعيش جميعاً تحت ظلم الاحتلال وقهره وطيشه،
وتأمّلأ كيف تعامل رسول الله مع أبي طالب الذي نصره حتى وجد عليها جداً واعتبر العام الذي توفي فيه عام الحزن،
واعتبر ذلك بما فعله صلى الله عليه وسلّم حين كفّن رأس النفاق برداءه ليكسب قلب ابنه،
فإنَّ الميت قد أفضى إلى ما قدّم والواجب الالتفات إلى الأحياء بما يجمع قلوبهم على الحق والهدى ودين الحق،
وجمع مجتمعاتنا الإسلامية وغيرها على القواسم المشتركة في كشف المعتدي المحتل…
(7)
لابد من العودة إلى حقيقة هذا الدين، ومراجعة أنفسنا في أسباب تسلّط الاحتلال علينا،
وأنّه ما حصل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة،
وأنّ الرجعة إلى الله على هدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم هو السبيل الحق لاسترجاع فلسطين؛
فالرجعة إلى الله كي ترجع لنا فلسطين؛ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قلتُ ما قلت؛ والله أسأل أن يجمع قلوبنا على ما فيه خير ديننا ودنيانا..
- خباب مروان الحمد يكتب: هل يقال للمسلم حين يقتل في المعركة أنه شهيد؟! - الأربعاء _18 _مايو _2022AH 18-5-2022AD
- خباب مروان الحمد يكتب: اغتيال شيرين أحدث خرقًا في المجتمع - الأثنين _16 _مايو _2022AH 16-5-2022AD
- خباب مروان الحمد يكتب: الجدل الدائر عن جريمة اغتيال شيرين. - السبت _14 _مايو _2022AH 14-5-2022AD