المشكلة الرئيسية لأمتنا هي افتقادها لحريتها، هذا الافتقاد هو سبب ضعفها وعجزها وتخلفها،
يرجع افتقاد أمتنا لحريتها إلي ثلاثة أسباب:
الأول،
هو افتقادها للشروط الذاتية للثورة.
الثاني،
هو النظام الدولي الراهن، وعلي رأسه منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية التابعة لها، فهذه المنظمة بمثابة حكومة في يد الرأسمالية العالمية، لحماية المصالح الاستعمارية في العالم وفي الأمة العربية.
الثالث،
مجموعة من الأسباب المترتبة علي السبب الثاني وتابعة له تبعية مطلقة، نجمل هذه الأسباب في النظام الإقليمي المفروض علي الأمة العربية القائم علي التجزئة وإسرائيل والاستبداد والاستغلال والتبعية والعلمانية.
إذًا معركة تحرير الأمة العربية هي معركة ضد النظام الدولي الراهن من جهة والنظام الإقليمي المفروض علي أمتنا من جهة ثانية، وحيث أن لكل ثورة، ثورة مضادة فإن الثورة العربية القومية التحررية تواجه بثورة مضادة، موحدة إقليميًا ودوليًا، هذا التوصيف موضوعي نابع من العلاقة العضوية بين النظامين الدولي والإقليمي، ويترتب علي ذلك أنه يقع علي مسئولية الأنصار توفير شروط قيام هذه الثورة وانتصارها علي قوي الثورة المضادة الموحدة قطريًا وإقليميًا ودوليًا، توجب هذه المسئولية علي الأنصار أن يقوموا بعملية مراجعة عامة وشاملة وموضوعية، ليقفوا علي كل المستجدات في الواقع المحلي والإقليمي والدولي، فكرًا وممارسةً، ليعلموا الخصائص الراهنة لهذا الواقع وماهيته، إن هذا يساعد الأنصار في رسم و تمهيد الطريق الثوري للثورة القومية العربية التحررية، تفتقد هذه المراجعة قيمتها إن لم تبين لنا لماذا فشلت كل المحاولات الرسمية والشعبية السابقة في توحيد الأمة وإخراجها من حالة الوهم التي تعيشها، تتضمن المراجعة علي سبيل المثال، الآثار الدولية المترتبة علي انهيار المعسكر الاشتراكي والتجارب الاشتراكية، وتوحيد القوي الدولية الكبرى المتحكمة في الوضع الدولي تحت راية الليبرالية والرأسمالية، وأثر هذه الوحدة الإيديولوجية للقوي الكبرى علي الأمة العربية والنظام الإقليمي المفروض عليها، ونتعرف أيضًا علي اثر ذلك ودوره في وأد الربيع العربي، وما هو الدور الذي لعبه اليسار العربي في هذا الوأد؟ وما هي أسباب هذا الدور؟ كما علينا أن نتبين أسباب فشل كل الحركات الإسلامية في قيادة الربيع العربي، يستوي في ذلك الحركات المصنفة ايدولوجيًا بأنها إصلاحية أو المصنفة بأنها راديكالية، فقد وضح تمامًا أن الإصلاحيون جزء من المنظومة الدولية الراهنة، ومن ثم فهم جزء من النظام الإقليمي المفروض علي الأمة ،
أما الراديكاليون من الإسلاميين فإنهم -و إن بدا لنا أنهم يتحركون خارج النظام الدولي- إلا أنهم في الواقع جزء من هذا النظام، لأنهم يفتقدون المنهجية والأيديولوجيا الإسلامية الثورية التحررية، لتعبئة الأمة وقيادتها نحو الثورة،
باختصار، أفتقد الفريقان -الإصلاحيون والراديكاليون- المؤهلات اللازمة لقيادة الربيع العربي اتجاه الثورة العربية الشاملة ودولة الوحدة القومية، دولة الحرية والمساواة والعدالة.
بالإضافة إلي ذلك، علينا أن نتفق في فهم طبيعة هوية أمتنا، لننتقل منها إلي تحديد هوية الأنصار، فلا يصح موضوعيًا وثوريًا أن نكون أنصارًا للأمة وثورتها، نسعي لتوفير شروط الثورة، ونحن نحمل هوية غير هوية أمتنا، فإن كانت هوية أمتنا إسلامية يكون لزامًا علينا أن تكون هويتنا إسلامية،
وعلينا في شأن هذه النقطة أن نعي أمرين:
الأول،
أن الهوية وحدة مركبة من العقيدة والشريعة، عقيدة التوحيد فيها شأن إسلامي يخص المسلمين، أما الشريعة فهي -وإن بنيت علي العقيدة- فإنها باعتبارها أيديولوجيا شاملة للتحرر والحرية، فهي شأن يخص المسلمين بكل مذاهبهم وغير المسلمين.
الأمر الثاني،
أننا -نحن الأنصار- لن نستطيع أن نقوم بمهمتنا التاريخية الثورية نحو أمتنا، وكل المستضعفين في الأرض، إلا إذا امتلكنا المنهجية الإسلامية الإنسانية، فهذه المنهجية هي أداتنا في التعامل والتعايش بعمق مع القرآن والسنة،
هذا أمر مهم لسببين:
الأول:
تحرير الإسلام من قبضة الإصلاحيين و الفوضويين الراديكاليين، وأئمة السلاطين.
الثاني:
أن أمتنا العربية الإسلامية لا يمكن تثويرها إلا بالقرآن، باختصار نحن في أشد الحاجة إلي بلورة رؤية إسلامية، بل مذهب إسلامي، يتعامل مع الآثار التي ترتبت علي سيادة الظاهرة الاستعمارية الصهيونية علي واقعنا وواقع الشعوب المستضعفة.
قضية أخري ليست أخيرة، علي الأنصار -أنصار الثورة القومية العربية- أن يحددوا طبيعة العلاقة بين د. سيف الدولة و العلمانية، لأن سيف الدولة هو معلمنا ومرجعيتنا، هل هي علاقة ارتباط، فيكون سيف الدولة علمانيًا؟ أم هي اشتباك، فيكون سيف الدولة ليس فقط نقيضًا للعلمانية، بل محاربًا لها؟
عندي أن د. سيف الدولة وقد عايشته، ليس فقط من خلال كتبه ومقالاته، بل فوق ذلك وأهم معايشتي له داخل السجن وخارجه، أنه نقيضًا فكريًا للعلمانية ومحاربًا لها، واضح هذا في كل أجزاء نظرية الثورة العربية وكتاب العروبة والإسلام وكتاب الهوية ومشكلة الشباب العربي والورقة التي كتبها عن الحرية في الشريعة الإسلامية، وغير ذلك من إنتاجه كثير،
قد يحتج البعض باستخدام د. سيف الدولة لمصطلح الاشتراكية، هذا قول مردود عليه لأن الكثير من أئمة الفكر الإسلامي استخدموا هذا المصطلح ولم يغير هذا الاستخدام من وصفهم بالإسلاميين، كما أن د. سيف الدولة استخدم مصطلح الاشتراكية العربية بدلًا من مصطلح التطبيق العربي الاشتراكية، والفرق بين المصطلحين مهم ودقيق، خاصةً في تحديد مفهوم الأمة والوطن والملكية، فالمفاهيم التي طرحها د. سيف الدولة للأمة والوطن والملكية مفاهيم مرجعيتها إسلامية.
هذه ورقة حوارية أولية مطلوب التعامل معها بجدية كمقدمة لصياغة جماعية لميثاق خاص بحركة الأنصار.
و الله المستعان.
- محمد السخاوي يكتب: الطريق إلى الحركة العربية الواحدة «١» - الأحد _23 _أكتوبر _2022AH 23-10-2022AD
- محمد السخاوي يكتب: حياد الدولة تجاه مواطنيها - الخميس _15 _سبتمبر _2022AH 15-9-2022AD
- شروط ومواصفات الثورة - السبت _5 _ديسمبر _2020AH 5-12-2020AD