في تعاملنا الحياتي نحتاج للملطفات تعمق أواصر العلاقات الاجتماعية، فتزيد المودة والمؤانسة، وتتعمق الروابط الانسانية بين الناس، وهي حاجة فطرية لا غنى لنا عنها، كون الطبيعة الإنسانية ترفض العزلة والانطواء،
وترفض حياة الانفراد والتخفي، لكن هذا التواصل الاجتماعي له ضوابط تحكمه حتى لا يخرج هذا السلوك الاجتماعي عن قصده المحدد، فتتعكر صفو.
المودة والعشرة الاجتماعية، وقد وجدنا شروخا وأخطاء بعيدة كل البعد عن ذوقيات التعامل بين الناس.
الأصل أن يبنى هذا التواصل الاجتماعي على أساس متين ذوقيات راقية التبسط والتواضع، يشعر المرء أنه إنسان مثله مثل باقي البشر، فلا يترفع ولا يستعلي بعلو مقام أو رفعة جاه،
أو منصب، يشعر بآدمية غيره، مثال ذلك التبسط قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يخاطبه الله عز وجل (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) سورة الكهف الآية 110 .
حتى يصرف تفكير الناس إلى حقيقته إنما هو إنسان مثل سائر الناس يحيا كما يحيون، يمارس حياته مثل نسق حياة الآخرين، يجوع ويشبع، يتأثر بما يحسه الناس، بصورة أدق يعيش حياة طبيعية، وهذا يمثل قمة الذوق الاجتماعي.
ومن الذوق التواصل الاجتماعي مراعاة حسن الهيئة وحسن التصرف، فأناقة المظهر ولباقة الكلمات تزيد من وجاهة الرجل، فهيئة المرء سفيره بين الناس، وهي لا تخرج الرجل عن التواضع والتبسط، فكلما كان المرء حسن الهيئة كان أقرب للتواصل وأشرح للصدر؛ فالنفس مجبولة على إدراك الحسن.
عَن سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
« إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا نِعَالِكُمْ أَوْ قَالَ:
رِحَالَكُمْ وَأَحْسِنُوا لِبَاسَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ وَلَا التَّفَحُّشَ».
(أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقي في شعب الإيمان وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وقال النووي في رياض الصالحين: أخرجه أبو داود بسند حسن).
ومن ذوقيات التواصل الاجتماعي بين الناس استحضار فنون المجالات، وتعد التحية والترحاب باب مفتوح يحرم منه غلاظ الطباع في المجالس،
فاللقاء والمجالس لا تحلو بدونهما، فكلما كانت المجاملات حاضرة زاد الأنس والانبساط،
وفتحت أبواب القلوب للأحاديث والنقاش وزالت الوحشة وزادت المؤانسة بين الحضور.
لعل الناس تهمل ذوقا راق آخر له أثره الكبير في تطييب العلاقات الاجتماعية، فن مشاركة أفراح الناس وأتراحهم مشاركة إيجابية،
إما بالتضامن من خلال الدعم بتقديم الخدمات أو مشاركة مشاعرهم في الأمراض والأفراح الاجتماعية وهي كثيرة،
كتلبية الدعوة أو زيارة المجاملة أو تهنئة أو تعزية أو مشاركة تضامنية، شرط أن نراعي آدابها ونوفي شروطها،
حتى لا تكون المشاركة عامل تنغيص وهم، حين تخرج تلك المعاملات عن روحها .
هذه بعض الأفكار أحسبها مهمة في بناء نسيج مجتمعي متحاب ومتضامن،
قوامه التعامل الراقي الذي يعزز أواصر الصلة بين مكونات المجتمع الإنساني انطلاقا من رقي الأخلاق التي حث عليها ديننا،
فالمسلم حق له أن يكون شامة بين الناس، يقدم من خلال أخلاقه النموذج المثال في مجتمعه.
- حشاني زغيدي يكتب: سعادتنا في بيوتنا - الجمعة _3 _مارس _2023AH 3-3-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: الاعتماد على النفس سبيل النجاح - الجمعة _24 _فبراير _2023AH 24-2-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: معهم يحلو السباق - الجمعة _3 _فبراير _2023AH 3-2-2023AD