الشطط كل الشطط في تتبع العورات، وترصد السقطات، وصيد الهنات والهفوات، وظيفة يمتهنها البعض، لا يقبضون فيها الثمن؛ سوى كيل الذنوب.
حسبهم الغنيمة الوقوف عند العتبات، ينتظرون قدوم الوافد بأثقاله، ينتظرون صيد هفوات عابرة،
ينتظرون أن تتلطخ ثياب غيرهم بالوحل، حتى تحصل لهم المتعة، فتشفى قلوبهم، يا سبحان الله؛
فأي استبشار هذا! وأي غنيمة هذه!.
إن مثل هؤلاء المخدوعون، المغرمون بالسراب، في حقيقة الأمر لا محصول لهم في ميدان السباق، غير الجري وراء الضياع، إن هؤلاء تجارتهم الإفلاس،
كالرجل الذي يقضي العمر يعمل في سخرة بلا أجر، يقضي الوقت مهموما بأحوال غيره،
يظل يحصي مداخيل غيره، و يظل يتتبع سير العاملين باهتمام، فلا تغيب في تقاريره شاردة و لا واردة، صغيرة و لا كبيرة، يظل يجرد كل شيء، فيا له من ضياع و تيه.
إن الحسرة أن هؤلاء لا يحصون عيوبهم، لا يتوقفون عند عثراتهم،
ولا تتبعون عثراتهم، ولا يشغلهم سترهم، هم مغيبون عن اشتغال بأنفسهم،
أو إصلاح عيوبهم، همهم مراقبة الناس، ضربت عليهم الغفلة أبوابها ؛ فأنستهم أنفسهم، فغاب الوعي والتبصر،
وغاب عنهم أن المرء سوف يسأل يوما عن كل أعماله الصغيرة والكبيرة، سوف نسأل عن ضياعنا،
وسوف نسأل عن إفلاسنا، في يوم لا ينفع فيه الندم.
ما نغفل عنه أحبتي أن الجزاء من جنس العمل، يتتبع عورات غيره،
فيتتبع الناس عوراته، يكشف سترهم، فيكشف الله ستره، نسأل الله السلامة والعفو والمغفرة.
عن أبي بَرْزة الأسلميّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:
(يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلِ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ: لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنِ اتَّبَعَ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِع اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعِ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ)
رواه أحمد وأبو داود وابن حبّان، وصحّحه ابن حبّان والألباني.
- حشاني زغيدي يكتب: معهم يحلو السباق - الجمعة _3 _فبراير _2023AH 3-2-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: من آداب السلوك الاجتماعي الراقي - الجمعة _27 _يناير _2023AH 27-1-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: الإسلام يرفض الجمود والخمول - الجمعة _20 _يناير _2023AH 20-1-2023AD