يقول لي: سعادتك في حضن بيتك، هناك الدفء والهنا، ألا ترى الطيور تحن لأعشاشها كلما سافرت لطلب الرزق، تعاود الرجوع لمستقرها، تجدد طاقتها، لك أن تتأمل سلوك طبيعة الكائنات، جميعها يحن للسكن والاستقرار، وتلك هي الفطرة الطبيعية، وكل شذوذ عن هذه الفطرة ينشأ عنه الانفصام والتمزق، ولك أن تتأمل سلوك من شدوا عن السكن، تأمل أحوالهم و مآلهم.
ثم أردف فائلا: ألا تستحق بيوتنا الاهتمام والرعاية،ألا تستحق منا أن نمنحها أجزاء مهمة من أوقاتنا، لكن المؤسف أننا نعطي بيوتنا أجزاء من فضول أوقاتنا، نمنحها القشور، وهذا أمر يتوجب المراجعة وإعادة النظر، يدفعنا لاستدراك الأمر قبل فوات الأوان.
يقول لي: بنبرة تحمل ألما غائرا لحال البيوت هذا الزمان المستغرب، نحن بحاجة لتأمل البيوت الناجحة، البيوت القدوة، نحن بحاجة أن نستحضر النماذج الواقعية، نستحضر أسماء كل بيت توافرت فيه معالم الأسرة النموذج، الذي قوامه رجل صالح وزوجة صالحة وأبناء صالحون، جميعهم يجمعهم سقف السعادة و السكن، يجمعهم الألفة و المحبة، يجمعهم تقاسم الأعباء، يجمعهم مصير مشترك، لا أتصور هذا البيت النموذج بعيدا عن القدوة الصالحة، لا أتصوره دون قيادة راشدة تقدر مسؤولية هذا البيت، فترعى حقوقه وتقوم بواجباته، وتحفظ ميثاقه الغليظ.
يقول لي: أقول للفارين من بيت السعادة عودوا لأحضانه، فمهما باعدت بينكم المسافات وتشابكت الأحوال وتعقدت الأمور، يبقى البيت هو الملاذ الوحيد الذي يجمع الأنفاس، هو الملجأ الوحيد الذي يعيد النفوس الشاردة لمرابضها، في البيت السعيد الأم حارسة البيت ؛ لها الأدوار مفصلية في حماية سكنها من الضياع، لها أدوار في حماية النسيج الأسري من السقوط،فهي مدرسة كما كما قال حافظ إبراهيم رحمه الله:
الأُمُّ مَدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها عدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعراق
الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّدَهُ الحَيا بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّما إيراقِ
الأُمُّ أُستاذُ الأَساتِذَةِ الأُلى شَغَلَت مَآثِرُهُم مَدى الآفاقِ
كما للوالد دور مهم في الرعاية و الحماية، فهو العائل و الكفيل و هو حامي خارج البيت و داخله، يحمي أسرته بقراراته الحكيمة، يشعر الجميع بالحماية في وجوده، ولا يتحقق مقتضى السكن الأسري إلا في هذا الإطار النفسي المرسوم في هذه الآية القرآنية التي تجعل من التعاون صورة الأسرة النموذج مصداقا لقوله تعالى:
﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾
(الروم: من الآية 21).
- حشاني زغيدي يكتب: سعادتنا في بيوتنا - الجمعة _3 _مارس _2023AH 3-3-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: الاعتماد على النفس سبيل النجاح - الجمعة _24 _فبراير _2023AH 24-2-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: معهم يحلو السباق - الجمعة _3 _فبراير _2023AH 3-2-2023AD