جريمة نكراء أقدم عليها تلميذ قاصر بتمدرس في مرحلة التعليم المتوسط بمدرسة (الشهيد عماري السعيد) في الجزائر حيث طعن أستاذته، بعد ساعات من توعّده بقتلها.
فهالني ما سمعت، خلته كأنه كابوس هز كياني، خلت نفسي واهم غير مصدق ما سمعت، شبح إنساني متوحش، يغرز مصل سكين في ظهر أستاذته في غير رحمة ولا شفقة، يطعن إنسانة بريئة.
أصبحت لا أومن بالعدالة ليس لجهلي؛ لكن لمرارة ما أسمع وأشاهد، حين يصبح العذر عادة يدمنها عطشى الدماء، حين تتحول مدارسنا مسرحا للجرائم، هذا أمر فضيع.
أصبحت أحبس دموعي لمرارة الفاجعة، فالدموع حزينة لا تريد السيلان على الخدود،
فالدموع كانت تخرجها الأحزان ومرارة الأيام؛ لكن اليوم تحبسها الفواجع،
فلن تذرف من العيون العبرات، أصبحت المواجع يذوق مرارتها صناع الحياة.
العنف ثقافة شائعة
فأصبحت أخشى أن يصبح العنف ثقافة شائعة في مجتمعنا خصوصا انتشاره في محاضن التربية،
وقد عشنا مرارته المروعة في أزمتنا الماضية حيث حصدت طاحونة العنف خيرة أبناء الوطن من مختلف المشارب والأساتذة من مختلف الرتب العلمية والتخصصات برصاص الغدر،
وبعد مضي الأزمة وتعافى الجسم من أثرها،
لا نرضى أن يعود لمجتمعاتنا سلوك العنف في المشافي والجامعات والمدارس أو المنتزهات والأسواق، والعنف أمر مرفوض مهما كانت دوافعه وأسبابه.
مثل هذه الجرائم تجعلنا ندق ناقوس الخطر للتعامل معها بمحمل الجد،
فيكون التدخل العلاجي سريعا بسد ثغرات الموجودة في مناهجنا التربوية،
فنعزز فيها التربية الصحيحة المستمدة من ديننا الحنيف برفع مكانتها في المقررات الدراسية،
وإعطاء مساحة واسعة لغرس الفضيلة في وسائل الإعلام الثقيلة.
كما يجب أن تعود للأسرة دورها في رعاية الأولاد وتحصينهم بحسن التنشئة، وتوفير القدوة الصالحة في شخصية الوالدين،
فإن تخلي الأسرة عن أدوارها في المرافقة والمساعدة مهد لبروز جيل متمرد،
كان فريسة سهلة لولوج عالم الجريمة، والسقوط في أحضان الوحوش الآدمية.
كما يجب ألا نهمل دور المسجد في تعزيز دور المرافقة التربوية لأبنائنا،
والدور نفسه تتكفل به المؤسسات الثقافية والرياضية دور الرعاية التربوية في أوقات الفراغ بترقية مواهب وهوايات الأبناء لتفريغ الطاقات السلبية عندهم، وهو دور مهم جدا.
وهذه الجرائم دافع لفتح قنوات الحوار بين الشباب والكبار،
حوار يفتح في الأسرة وتقرب لمعرفة حاجيات ومشاكلهم والعمل على تخفيف الضغوطات،
والأمر نفسه تقوم به المدارس والجامعات والمؤسسات الشبابية بمساعدة المختصين في التربية النفسية والصحية.
يقول شيخي محمد الغزالي رحمه الله في كتابه الرائع «جدد حياتك»:
(في أحضان البطالة تولد آلاف الرذائل، وتختمر جراثيم التلاشي والفناء، إذا كان العمل رسالة الأحياء فإن العاطلين موتى،
وإذا كانت دنيانا هذه غراس لحياة أكبر تعقبها فإن الفارغين أحرى الناس أن يحشروا مفلسين، لاحصاد لهم إلا البوار).
- حشاني زغيدي يكتب: معهم يحلو السباق - الجمعة _3 _فبراير _2023AH 3-2-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: من آداب السلوك الاجتماعي الراقي - الجمعة _27 _يناير _2023AH 27-1-2023AD
- حشاني زغيدي يكتب: الإسلام يرفض الجمود والخمول - الجمعة _20 _يناير _2023AH 20-1-2023AD