أنتَ السنا قد جاوزَ الأفلاكَا
والشمسُ يُعشِيها سطوعُ سناكَا
وبهاكَ قد فاقَ الخيالَ تصوُّرًا
ما مثلُ حُسنِكَ أو شبيهُ بهاكَا
والجودُ صِنْوُكَ ، والصَّبَا كفَّاكَا
يا واحةَ الإحسانِ ما أسخاكَا
كلُّ البحارِ – إذا تُمَدُّ – ضئيلةٌ
إنْ قُورِنت يومًا بفيضِ نداكَا
يا سعد ” آمنةَ ” النّقيّةِ عندما
نَعِمت بِحَملكَ ، وارتوت بضياكَا
قد كنتَ في الرَّحِمِ الشريفةِ آمنًا
والطير تُهْلِكُ مَن طغَوا إهلاكا
مِن غيرِ زلزلةٍ تبدَّدَ شملُهم
حتّى تَلذَّ بغفوةٍ عيناكَا
ووُضِعت أجملَ ساجدٍ فـي مهدِهِ
سبحانَ ربِّكَ ، جَلَّ مَن سوَّاكَا
ما أرغدَ الأكوانَ حينَ أتيتَها
يا لاحتشادِ الخلَقِ في لُقْياكَا
إيوانُ كسرى قد تصدّعَ مُعلِنًا
أنَّ الضَّلالةَ أُزهِقت بِهُداكَا
والنّارُ في ساحِ المجوسِ تبدّدت
والّلات قد حُطِمت ، ولا تأباكَا
ما عادَ شِرْكٌ في الخليقةِ قائمًا
كلُّ الوجودِ مُوحّدٌ مولاكَا
أشرقْتَ فجرًا دائمًا في أرضنا
بالحُبِّ والإخلاصِ عمَّ ضياكَا
قد أنقذَ الثَّقلينِ كوثرُكَ الَّذي
أعطاكَ ربُّكَ منذُ أن أنشاكَا
يا ذا الأمينُ الهاشميُّ المُصطفى
الصَّادقُ المصدوقُ ما أسماكا
شَرَفٌ لكلِّ المرسلينَ صلاتُهم
في القدسِ خلفَكَ والدُّعا بدُعاكَا
اَلصَّخْرةُ الصَّمَّاءُ عرجت للسَّما
حينَ ارتقت لِفراقِها قدماكَا
وعلوتَ في المعراجِ حتَّى المُنتهى
لِمُقامِ قُربٍ لم يُتح لسواكَا
وشهدتَ من آياتِ ربِّكَ ما علا
قَدْرَ الخلائقِ ، وانجلى لرؤاكَا
جبريلُ يُحرَقُ لو تقدّم خُطوةً
وخطاكَ تَنعمُ بالصُّعودِ هناكَا
ورأيتَ ثَمَّ رأيتَ ما لم قد يُرَى
نورَ الجلالةِ يُعجِزُ الإدراكَا
ملكُ الملوكِ اللهُ شاءَ المُلتقى
بكَ يا حبيبَ اللهِ فاستدعاكَا
أُعطيتَ ما لم يُعطَ قبلكَ مُرسَلٌ
وعلا جميعَ الأنبياءِ عُلاكا
وسألتَ ربَّكَ أن تُشفَّعَ في الورى
فأُجِبْتَ ، إذْ أنتَ الأحقُّ بذاكَا
الكونُ – يا طه – بحبِّكَ مُغرمٌ
وقلوبُنا مأسورةٌ بهواكَا
والأرضُ إذْ مرَّت بها قدماكَا
مِسْكُ الجنانِ،فيا لَطيبِ خُطاكَا
والجذْعُ أَنَّت من حنينٍ غامرٍ
والماءُ قد دَفقت بهِ كَفَّاكَا
فامْنُنْ علينا يا حبيبُ بنظرةٍ
حتّى ولو رؤيا بها نلقاكَا
فأَقُولَ يا عيني اهنئي وتَمتَّعي
وأقُولَ يا قلبي بَلغْتَ مُناكَا
وامنح أسيرًا في هواكَ شفاعةً
حينَ انضواءِ الرُّسْلِ تحتَ لواكَا