حينما تقبل على النقد فتريث قليلا قبل أن تتكلم، حتى لا يكون النقد مدعاة لجعلك أضحوكة وسخرية.
بهذا المنطق أوجه نصحي للإعلامي شريف عامر الذي أقدم في جرأة شديدة على انتقاد الأديب الراجل أحمد خالد توفيق.
كبر الموضوع وتعاظم، ووضع المذيع نفسه في مرمى الاتهام والكراهية، حينما هاجم اديبا بشعبية العراب.
ويبقى السؤال هل أدرك المنتقدون مغزى تصريح الرجل أم أنهم هاجوا دون أن يتفهموا؟
وهل قرأ الإعلامي المتفيهق، كل أعمال الراحل حتى يكون الحكم صائبا؟ هل وقف على قيمته الأدبية، وأثره في ذائقة الأدباء، أم أن انتقاده للدراما وحدها وخانه فيه التعبير؟
كان عليه أن يدرك أن مثل هذا التصريح سيثير موجة من الغضب، ومن ثم كان من الواجب أن ينصف الأديب من جناية الدراما، لكنه لم يفعل مما جعل النقد في عيون الكثيرين يتوجه لشخص العراب وأدبه.
لا شك أن رأي المذيع مبتور وناقص، وجعله في محنة ذات وجهين، محنة الجهل تارة، وفقد جزء كبير من شعبيته تارة أخرى، إن كانت له شعبية.
العراب لم يكن مجرد أديب.. بل كاتب كانت له بصمته وتأثيره في جيل كامل.
وهكذا الجهلة حينما يقبلون على طرح آرائهم المبتورة الناقصة، لتكون آراء جاهلة ظلامية صادمة.
شخصية محبوبة
كان على شريف عامر أن يدرك ابتداء حينما دخل بتصريحه عش المثقفين والأدباء، أنه لا ينتقد أديبا كأي أديب،
بل ينتقد شخصية محبوبة، وهذا غباء منه، أو عملية انتحارية كتلك التي ارتكبتها داليا البحيري ضد أبو تريكة،
لكنها سارعت للاعتذار، ولم تصر على الكبر والتعالي.. فهل يعتذر عامر أم أنه عنيد كما قال؟
النقاد من قديم يصيحون ويدللون على أن الأعمال الأدبية الممثلة والمجسدة في السينما والتليفزيون،
تفقد كثيرا من قيمتها ورونقها، وسبحان الله فمنذ أيام كتبت مقالا حول هذا الموضوع بعنوان مهزلة زينب،
حينما خرج فيلم رواية زينب عن جمال الرواية، وكان بعيدا عنها كل البعد.
وخطأ الدراما أنها لم تجسد روايات العراب بالشكل اللائق لا يلقي بالذنب والتبعة على المؤلف، فهذا ظلم كبير،
يشترك فيه مع العراب كثير من المبدعين الكبار.
دعونا نكون صرحاء
ما عبر به الإعلامي مجرد رأي، وله تفسير ومخرج، لكن كثيرا من مريدي العراب متعصبون جدا للراحل وأدبه،
وتأخذهم الحمية له لأبعد الحدود، وهم من طوروا المعركة، وأججوا ضرامها،
لأنهم لا يقبلون أن تمس كلمة السذاجة اسم معشوقهم، ولا أن تلصق أي إهانة وازدراء بشيء من ذكراه ورائحته.
كان عليهم أن يكونوا أكثر موضوعية، واحتراما للأذواق، حتى أذواق الجهلة، كان عليهم أن يبتعدوا عن نقاشها.
كما علينا ألا يغيب عنا جبن تغريدة الإعلامي الذي لم يجرؤ على ذكر اسم الأديب بشكل صريح،
رغم قيام المعنى بالدلالة عليه، لكن شريف عامر أصر أن يجمع الجبن مع الجهل.
بل جمع إليهما الحمق، لقد كان بإمكانه أن يسرد حوارا هادئا ويشرح وجهة نظره التي تمس الدراما لا أدب الأديب.. لكن الحماقة أعيت من يداويها.
لا شك أن موت العراب ترك أثرا في نفوس أحبائه، ويرون الدفاع عنه في مخايلهم واجبا مقدسا، وليس من الشرف أن يتخاذلوا عن نصرته،
وفي الوقت الذي يتدثر فيه عامر إلى هذه اللحظة بدثار الكراهية والعناد، سارع بعض الإعلاميين ليشتركوا في الملحمة،
مغتنمين الفرصة لنيل شعبية أكثر، وكسب قلوب المحبين الغاضبين،
كما فعلت بسمة وهبة في موقفها ودفاعها الحكيم.
- حاتم سلامة يكتب: الدهشة والغرابة والإثارة والتشويق والمتعة والجرأة - الأربعاء _1 _فبراير _2023AH 1-2-2023AD
- الوسط الثقافي المصري يحتفي بمسيرة عبد الوهاب مطاوع - الثلاثاء _24 _يناير _2023AH 24-1-2023AD
- حاتم سلامة يكتب: جريمة في حق التاريخ - الأثنين _9 _يناير _2023AH 9-1-2023AD