ما الحرية.. وما شأن رمضان بالحرية، وما شأن الحرية برمضان وهل لهذا الشهر الميمون علاقة بهذه السمة التي تعد أثمن ما في حياة الإنسان؟
يقولون ابتداء: إن الحريري صاحب المقامات كان من عادته تسريح لحيته بيده دائما، فلما بلغه أن ذلك يضايق الخليفة امتنع عنه، فلما أعجب به الخليفة، طلب منه أن يسأله ما يريد جزاء له، فقال له الحريري: أسألك أن تأذن لي أن أسرح لحيتي بيدي كما كنت.!
إنه إذن سلطان العادة المتأصلة، التي قد توجد مع إيمان راسخ وعقيدة صحيحة، فتفسد مسار هذا الإيمان، فيأتي رمضان كعلاج لهذه الأدواء، وتحريرا للنفس من غلبتها وسطوتها.
هل تعلم وتدرك أن كثيرا من تلك الصعاب المترسخة في حياتك، ما هي إلا أوهام أغرتك بها العادة؟
نعم إنها العادات التي ألفناها وجرت عليها حياتنا، وظننا معها أنها ذلك المحال الذي لا يمكن تغييره، ليأتي رمضان ليمثل لنا الصفعة،
التي تفيقنا على هذا الوهم الكبير، والمتغلغل في ثنايا الظنون.
اسمح لي أن أصف لك رمضان بالصفعة، وكان يمكن أن أترقق،
أو أتجمل لأصفه باليقظة أو الإفاقه من أسر الأوهام التي تكبل حياتنا وترغمنا أن نسير في ركابها وكأننا عبيدا لها.
لقد جاء رمضان ليفتك بهذه العادات،
ويرمي بها في سلة الأوهام، ويدرب النفس على هجر المألوف، لتصبح النفس حرة قوية، لا يتحكم فيها هوى غالب، أو عادة مستحكمة.
إنه إذا شهر الحرية، والحرية أولى معالمه التي يجب أن نستلهم معناها من وجوده وفي رحابه.
كما أنه يكون شهر السعادة، حينما ينظر الإنسان إلى نفسه التي تحررت من هوى هذه الأغلال، فإنه يسعد،
لأنه يشعر في أعماقه وذاته بقوة في إرادته، قوة لم يكن يعرفها من قبل، فقد كان أسير الضعف، ذليل العادة.
قبل أن يأتي رمضان ببضع أيام، بدأ يجول في خاطري، خوف وأرق، وحديث في النفس، كنت أحاول أن أخفيه وأتهرب منه،
لأنه كان يورثني بعض المشاعر السلبية التي لا تليق مع الشهر المبارك.!
فقد تعودت بعد الفجر أن أتناول فنجانا من القهوة، وكان ذلك من أحب العادات التي أمارسها في حياتي،
كنت خائفا لأن رمضان لأنه سوف يحرمني من هذا الصنيع، وهذه النشوة،
وكنت مستسلما للقدر، وأسائل نفسي، كيف سأطيق هذا الحرمان؟
وما إن جاء رمضان، وقد شحذ النفس وعبأها بالاستعداد لواقعه وعالمه وتغييره الجديد،
حتى وجدت ساعة الفجر تمر بدون هذا الطقس الذي أوهمني خيالي أنه سيهلكني بوخز الحرمان.
لقد تحررت إذن، ولم يعد لسلطان الهوى على أي حكم أو نفوذ.
- حاتم سلامة يكتب: ياله من رجل - الجمعة _20 _مايو _2022AH 20-5-2022AD
- حاتم سلامة يكتب: شيرين أبو عاقلة.. ومعترك العقيدة - السبت _14 _مايو _2022AH 14-5-2022AD
- حاتم سلامة يكتب: دعاوى شيطانية - الأحد _8 _مايو _2022AH 8-5-2022AD
