حاتم سلامة يكتب: الصائدون في الماء العكر

في الوقت الذي حزنت مصر كلها، وذرفت دموع الأسى والألم على الجريمة البشعة والاعتداء الغادر على القمص (أرسانيوس وديد) أثناء سيره على كورنيش الإسكندرية، كانت هناك فئة ظالمة حقودة فرحت لموته واغتياله، وسارعت لتسجيل هذه السعادة بأقلامها التي تطفح بالإفك والزور.

أعلمت من هي هذه الفئة الظالمة التي تصر بين الحين والحين على تأجيج نبرة الخلاف بين المسلمين والأقباط، وتصر مع كل مناسبة أن تزج بروح العداء بين الإسلام والنصرانية، بدعوى الإرهاب والتطرف، متناسية أن إشاعة مثل هذه الأجواء ومثل هذه الدعاوى المفتراة، تخلق حاجزا نفسيا بين قطبي الوطن الواحد المسلمين والأقباط.

إنها فئات العلمانيين المتطرفين، الذين ملؤوا حياتنا بالشكوك والريب، ورووا ونموا معاني الكره والحقد بين المسلمين والأقباط.

قالت كاتبة ظالمة فور النبأ بمقتل هذا الفقيد: إنه قتل لأننا لم نحاكم العالم الأزهري وداعية الأوقاف الشهير سالم عبد الجليل، وبأن القمص وديد قد قتل، لأننا لم نحاكم الداعية الأزهري الشيخ عبدالله رشدي..

ثم واصلت الافتراء عليهما بأنهما كفرا الأقباط، ودعيا لهدم الكنائس، في محاولة رخيصة للتلبيس على الأزهر ورجاله والزج بهم في أتون الإرهاب ودوامات التطرف وحلقات الانحراف.

وتناست الظالمة أن الأهالي المصريين هم من قبضوا على الجاني وسلموه للشرطة، وتناست الظالمة أن الجاني رجل مسن يبلغ من العمر أكثر من 60 عاما، أي أن هناك احتمال كبير لتشوش عقله، وجنون إدراكه وخلل اتزانه.

لكن.. أنى لها أن تفترض مثل هذه الأقدار المغايرة، والفرصة قد واتتها لتنفث عن حقدها وتبث إفكها وزورها الذي يخدم خطتها الجهنمية، في تعكير الحياة بين المسلمين والأقباط في مصر، وخلق حالة من العداء المزمن والتربص المريب بين الفريقين.

إنها حتى لم تنتظر بيانات النيابة في تحقيقها وكشفها لملابسات الحادث، حتى تكتب عن بينة ونور، ولكن أنى لمثلها أن يبحث عن النور،

وهم عشاق الظلام والحقد والكراهية، وهم من يصطادون في الماء العكر لتسميم الأجواء الآمنة في مصر.

انظر معي قليلا لما تابعتنا به الأخبار:

1- كاهن يهدي وكيل الأوقاف بالإسكندرية مصحفا لتهنئته بشهر رمضان المبارك

2- كاهن سكندري يوزع 10 فوانيس و100 شنطة رمضان على أهالي العماروة.

إن مثل هذه الأخبار التي تبعث على السلام والصفو والوئام، تقض مضاجع العلمانيين وتفسد نفسياتهم وأمزجتهم،

لأنها تضر بالنبت الذي يرعونه وينمونه في أفهام الناس وعقولهم، إضرارا بالوطن ومصالحه.

كان يمكن لها لو أنها وجهت اللوم لجماعة من جماعات التيار الديني للمسنا لها العذر والدافع واقتنعنا بكلامها وصدقنا تهمتها، لكن المرأة تصوب اتهامها لعلماء الأزهر ودعاته،

وكأنها تريد للمصريين أن يفقدوا الثقة في الأزهر ورجاله،

ومن ثم ينتشر التطرف والإرهاب الحقيقي، التي تدعي أنها ضده وتحاربه، نعم فمهاجمة الأزهر ودعاته،

لا تعني إلا شيئا واحدا فقط وهو، خلو الساحة للإرهاب الحقيقي ليعبث بعقول الجماهير ويفسد مفاهيمهم الدينية.

هناك معنى دقيق قد يغيب عن عقول المتابعين والراصدين، وهو أن هؤلاء العلمانيين،

لا يبغضون الإرهابيين ولا يكيدون للمتطرفين حسب ما يدعون،

وإنما لهم موقف سلبي وحقد دفين مع الإسلام نفسه، الذي هو دين الدولة الرسمي وعقيدة المجتمع المصري.

لهم عداء ومقت للأزهر بشيوخه وعلمائه، لأنه حامي حمى الإسلام،

والقلعة الشامخة التي تفسد ألاعيب العلمانيين وتتصدى لمكرهم في تمييع عقيدة هذا الشعب والإضرار بنسيج الأمة المصرية مسلمين وأقباط.

دعوت الدولة والحكومة كثيرًا أن تتنبه لخطر هؤلاء العلمانيين الفاشيين المنحرفين، وأن توجه لهم اللوم وتحاكمهم بالقضاء والقانون،

حتى تخرس أصواتهم الداعية للفتنة، التي يصرخون بها باسم حرية الفكر والتنوير، وما هم إلا دعاة ضبابية وظلام.

وإذا كانت الحكومات تدبر أقوات الناس وتنهمك في توفير أقواتهم، فإن مهمة الأزهر الشريف ورجاله،

خطيرة وجسيمة وهو يحفظ عقيدة المصريين وينشر تعاليم الإسلام السمحة،

وشريعته السامية التي تجمع المتنافرين تحت مظلة واحدة، يشوبها الأمن والوئام والسلام.

كل العزاء لإخواننا المسيحيين في فقيدهم، بل كل العزاء للإنسانية التي طعنتها يد الغدر بمثل هذا العمل الإجرامي.