الشهرة.. آفة- مرض- هوس- رغبة- شهوة- طموح- أمل- غرض- غاية- هدف- طمع- جوع- جنون- سحر.
كلها معان يمكن أن تؤول إليها توصيفاتنا للشهرة.
إذن كيف ينجو الإنسان من آفة الشهرة؟
إن السبيل إلى النجاة منها، يكون بالعقل والحكمة والتأمل في العواقب.
قد تحب أن تكون مشهورًا، ويشير إليك الناس ببنانهم.
لكنك لا تنظر فيما بعد ماذا ستجلبه عليك الشهرة من تضييق وكبت واختناق؟!
قد تجلب لك السعادة والمال والحضور والاحترام.. لكنها ستقيد حريتك حينما ترى الناس يضعونك دوما تحت المجهر، فإذا تكلمت تكلمت بقيد، وإذا تحركت تحرت بقيد، وإذا خطوت خطوت بقيد، تعمل للناس في كل ذلك ألف حساب، حتى في ملبسك وطعامك.
يظل عامل الناس شبحًا مرعبًا يهدد حياتك ويخيفك، وكأنك تعيش لهم وبهم، لا تعيش من أجلك ولنفسك.
تفقد سريعًا كثيرًا من المتع، وأقدار هائلة من الحرية بسبب الناس.
في ميدان الكتابة نستطيع أن نقول:
إن أكثر العوامل التي تقضي على الكاتب في بداياته، هي الميل المحموم للشهرة واكتساب الجماهيرية، يسارع إليها وكأنه أعمى، نعم أعمى عن تلك الأدوات والمهارات التي يجب أن يستكملها ككاتب قبل أن يواجه الجمهور.
بعضهم ينشر روايته في مطالع تكوينه، وهي ليست على القدر المطلوب من الجودة والاستحسان.
يفرح بها وبأوراقها، ويتخيل أنه صنع شيئا عظيما، فإذا أمعن فيها الجمهور وبدأ يستطلع عنها الآراء، رأى وسمع ما يحزنه، وربما ما يعقده ويعيق استكماله في مسيرة الكتابة.
ليس الخطأ غالبا في النقد، أو في هذا الجمهور الذي ربما سيتهمه الكاتب بالغلظة والحقد، وإنما الخطأ الأول فيه هو، حينما تعجل النشر قبل أن يستكمل عدته ككاتب مكين.
آه …نسيت الآن أن أقول لك: إن الشهرة أحيانا تكون كفرًا، وتتزيا كثيرا بزي الإلحاد والفجور!!!
نعم كفر والعياذ بالله فمن أجلها يندفع كثير ممن لا دين لهم ولا خلق ولا ضمير، إلى الطعن في كتابه وملته ورسوله ودينه، حتى يتناول الناس مصيبته، ويكون حديث المدينة والفضائيات والصحف والمنتديات، يلحد في آيات الله ويسب الصحابة حتى ينال الشهرة.
فمن أجل ذلك يكون الكفر أحد سمات ومكونات الحصول على الشهرة البئيسة.
بل أقبح منهم ذلك الكاتب الأخرق الذي يكتب في الجنس والدعارة الدبية، حتى يسارع إليه الشباب ويرون إبداعه الفاجر وهو يصف جسد المرأة والعلاقة الجنسية بين الطرفين.
ما أفجره وما ألعنه، وما أشد خيانته لأمانة القلم.
أرأيتم ذلك الأعرابي الذي وقف وسط الحجيج ليبول في زمزم، فلما انهال الناس عليه ضربا، سألوه لم فعلت ذل؟ فقال لكي أكون مشهورا !!!
ليقول الناس كلما رأوه هذا الذي بال في زمزم.
بئست الشهرة هذه ولعن الله أصحابها.
الشهرة في المنهج الصوفي هي أحد الأمراض التي يتعامل معها الصوفية بحذر شديد، فهم يرونها مما يهدد دواعي الإيمان،
وحصول القرب بين العبد والرب، ومن ثم يفرون من الشهرة فرار السليم من الأجرب، وفرار الإنسان من الأسد.
ودعوني أصارحكم.. فأنا بشر كالبشر وإن حاولت أن أدعي لنفسي الكمال فهذا كذب وزيف، فالشهرة من هذه
الأغراض التي تداعب أحلام المبدعين وخاصة الكتاب وأصحاب القلم منهم، ولعلي أكون ولعا بها في كثير من الأحيان،
وأسعى إليها في كثير من الأوقات، وأشعر براحة النفس حينما أنال قدرا منها، أو أحقق بعض ملامحها،
وإذا كنت أصارحكم الآن بشيء يمكن لغيري أن يخفيه في محاولة لتنزيه نفسه، فإنني أعترف بوجوده في ذاتي،
ولكن لا يمكن أبدًا أن يمر هذا النقد الصريح لذاتي، دون أن أتبعه بشيء أراه مما ميزة لها،
أو بمعنى آخر يضفي على هذا الاعتراف بالعيب، شيئا يمكن أن يخفف من آثاره،
فأنا والحمد لله لا يمكن أبدا أن أكتب بقلمي الذي وهبه الله تعالى لي، شيئا مما لا يرضاه أو يحرمه،
ولا يمكن لهذا القلم، أن يعتدي على حرمات الله ودينه ورسوله من أجل الشهرة،
لا يمكن أبدا أن أخط حرفا في ميدان الجنس لألهب فوران الشباب وشهواتهم،
لأسوقهم سوقًا للالتفاف حولي، وذلك كله لسبب بسيط جدا وهو، أنني أفكر دائما كيف ألقى الله تعالى بهذا الوزر؟
وكيف وأين ذهب حتى ونال من كتبوا هذه الموبقات؟
هل خلدهم التاريخ؟ هل منهم الأوسمة؟
إن التاريخ وضعهم في سلة القاذورات التي أعدها لأمثالهم، حينما لم يقدموا له قيمة، ولم يدعموا بأقلامهم عقيدة أو رسالة.
- حاتم سلامة يكتب: عنصرية الأتراك - السبت _6 _أغسطس _2022AH 6-8-2022AD
- حاتم سلامة يكتب: قصة شيخ أزهري نذل - الخميس _4 _أغسطس _2022AH 4-8-2022AD
- حاتم سلامة يكتب: لا يقلون خطرا عن العلمانيين والملاحدة - الثلاثاء _2 _أغسطس _2022AH 2-8-2022AD