
في 3 يناير 2009، ظهرت لأول مرة في العالم الرقمي ما تسمة بعملة «بتكوين» وهي عملة رقمية افتراضية مشفّرة، ليس لها رقم مسلسل، ولا تخضع لسيطرة أية مؤسسة مالية في العالم، إذ يتم التعامل بها فقط عبر شبكة الإنترنت، من دون وجود فيزيائي لها، ولكن بالرغم من ذلك باتت هي العملة الأغلى في العالم خلال أقل من 9 أعوام.
يمكن وصف العام 2017، بعام ثورة البتكوين، إذ حققت ارتفاعات قياسية، قفزات متوالية، متفوقة على جميع العملات التي تصدرها البنوك المركزية حول العالم؛ إذ زادت جاذبية العملة الرقمية بالآونة الأخيرة في ظل تراجع العملات التقليدية، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وحالة عدم اليقين السياسي، المسيطرة على العالم في الوقت الحالي.
استقبلت العملة الرقمية عام 2017، بتفوق غير مسبوق، إذ صعدت فوق مستوى ألف دولار للمرة الأولى في ثلاث سنوات، في 2 يناير (كانون الثاني) 2017، بعد أن تفوقت في أدائها على جميع العملات التي تصدرها البنوك المركزية في 2016 عندما قفزت 125% على مدار العام الماضي.
وبدأ سعر بتكوين العام بتخطي قيمة أوقية الذهب لأول مرة، إذ وصل سعرها إلى 1268 ألف دولار ، في حين بلغت أوقية الذهب، 1233 دولار في ذلك الوقت؛ ومع تزايد الطلب على العملة في مناطق عدية من العام خاصة في الصين، استمر هذه الصعود لتصعد بأكثر من 1200% خلال العام، وسجلت اليوم 17611 دولار وهو مستوى تاريخي، وفيما يلي مؤشر السعر خلال اليوم، وخلال العام كله:
كيف يمكنني الحصول على البتكوين؟
الحصول على بيتكوين في الغالب يكون من خلال ثلاث طرق، الأولى استبدالها مع شخص آخر، أو شراؤها من صراف إلكتروني، وإما عن طريق بيع بضاعتك أو خدماتك مقابل بيتكوين، ويعد LocalBitcoins.com و BitQuick.me مراجع جيدة لسهولة القيام بمعليات شراء بيتكوين.
أو عن طريق ما يسمى التعدين، وهي عملية تتم خلال مجموعة من الأجهزة مرتبطة ببعضها حول العالم تقوم بفك مجموعة من الشيفرات، بمعنى أنه عندما يكون لديك بيتكوين في محفظتك وتريد إرساله إلى محفظة شخص آخر فإن خوارزم بيتكوين تقوم بتشفير العملية بشكل معقد وترسلها إلى أجهزة أشخاص آخرين (المعدنين)، وللمحافظة على أمن وسلامة العملية ومقابل هذه المراقبة التي يقومون بها يتم مكافأتهم ببيتكوين، وهذا مايسمى بالتعدين.
وفي الوقت الحالي لا يزال هناك عدد سوى قليل من الصرافين الإلكترونيين المتواجدين في الشرق الأوسط: وهم «آيغوت» في دبي، و«بِت أوايسِس»، لكن بإمكانك أيضًا أن تستخدم الصرافات الإلكترونية العالمية، أمثال «سركل» و«بِتستامپ» و«إتبِت» و«كراكن».
ويجرى استبدال البتكوين بالعملات الرسمية كالدولار واليورو، عبر محفظة مالية يتحكم فيها العميل برقم سري خاص، عبر تطبيقات الكترونية، مرتبطة بالآلاف من أجهزة الكمبيوتر، تتحقق من صحة المعاملات وتضيف المزيد من عملات بيتكوين إلى النظام.
هل هناك دول في العالم تعترف بالبتكوين؟
تعددت أشكال الاعتراف ببيتكوين مؤخرًا، فبالرغم من أن ألمانيا الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميًا بالعملة الرقمية، أطلقت شركة السكك الحديدية السويسرية، إس بي بي، في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2016 توسيع أنشطتها بإطلاق خدمة جديدة على ماكيناتها للتذاكر لبيع عملة بيتكوين الرقمية، والتي تعتمد على الإنترنت.
ويوجد الآن آلاف المتاجر حول العالم يقبلون التعامل ببيتكوين، ولكن على مستوى المنطقة العربية، ومقارنة بأجزاء أخرى من العالم، يعتبر انتشار العملة متأخرًا نسبيًا، وكان القبول بهذه العملة لأول مرة في الأردن في بار شاي في العاصمة عمان، ثم دبي وفلسطين والكويت.
وبات قبول العملات الرقمية والتي أشهر البتكوين كطريقة للدفع رائجًا في الأونة الأخيرة وذلك بعد الانتشار الواسع للعملة وارتفاع سعرها لمستوى قياسي، وبحسب ما رصد موقع “أرقام” الاقتصادي فإن فهناك الكثير من الشركات التي تقبل التعامل بالبتكوين وغيرها من العملات الافتراضية، وعلى رأس الشركات التي تقبل هذه العملات وفقًا لتقرير نشره موقع “إنسايدر مانكي” كلا من:
1- مايكروسوفت
سمحت شركة “مايكروسوفت” لمستخدميها باستخدام البيتكوين للدفع في متاجر ويندوز وإكس بوكس منذ عام 2014، وتعمل الشركة على تعزيز تكنولوجيا البلوك شين وقامت بإدراجها كخدمة في منصة الحوسبة السحابية أزور.
2- باي بال
بدأت شركة “باي بال” قبول الدفع بالبتكوين عام 2014، وفي 2016 بدأت السماح للمستخدمين ببيع البيتكوين على حسابات “باي بال” مقابل أموال نقدية.
3- تسلا
رغم أن “تسلا” لم تعلن رسميًا عن قبولها البتكوين أو أي من العملات الرقمية الأخرى، إلا أن هناك الكثير من البائعين الذين يقبلون الدفع بالبتكوين لسيارات “تسلا” موديل إس وموديل إكس.
وفي بعض الأحيان يمكن للعملاء دفع مقدم باستخدام البتكوين لحجز السيارة مسبقًا، إلا أن معظم هذه المعاملات تمت بطريقة غير مباشرة عبر مواقع “BitPay” و”Coinbase”، والتي تحول العملات المشفرة إلى أموال نقدية.
4- Intuit
هي شركة متخصصة في برامج المحاسبة والادخار وإدارة الأموال الشخصية، وقد بدأت قبول الدفع عبر البتكوين منذ عام 2014 من خلال عقد شراكة مع “BitPay”.
وفي وقت مبكر من العام نفسه اعتمدت الشركة تقنية البلوك شين، مما سمح لعملاء “QuickBooks” بإرسال المدفوعات دوليًا.
5- DISH Network
في عام 2014ـ عقدت شركة “دش نتورك” لخدمات الاتصالات والإنترنت شراكة مع “Coinbase” لتمكين العملاء من سداد الفواتير الشهرية بسهولة، وكانت “دش نتورك” بذلك أكبر وأول مزود للقنوات المدفوعة يقبل الدفع بالعملات المشفرة.
6- إكسبيديا
في بداية 2014 أعلنت وكالة السفر والسياحة عبر الإنترنت “إكسبيديا” أنها سوف تقبل الدفع بالبتكوين لحجوزات الفنادق، وقد سمح ذلك بتوسيع وجودها الدولي، وكانت “إكسبيديا” أول شركة حجز فنادق تقبل الدفع بالبيتكوين.
7- صب واي
تقدم سلسلة مطاعم “صب واي” العديد من توكيلات الامتيازات التجارية أو الفرانشايز، والتي بدأ بعضها قبول البتكوين كطريقة للدفع، وقد تلقت المتاجر التي اعتمدت البتكوين الكثير من الاستحسان، مما قد يدفع “صب واي” وغيرها من مطاعم الوجبات السريعة لقبول البتكوين في جميع فروعها.
8- لامبورجيني
أعلنت “لامبورجيني” على صفحتها الرسمية على إنستجرام في سبتمبر الماضي عن قبولها البتكوين كوسيلة لشراء سياراتها، وذلك بعد شراكتها مع موقع “Eggify”.
9- ويكيبيديا
على الرغم من أن “ويكيبيديا” تقدم خدماتها مجانًا، إلا أنها تقبل التبرعات، وفي عام 2014 أعلنت قبولها التبرعات بعملة البتكوين، ويتم قبول المدفوعات من خلال الشراكة مع موقع “Coinbase”.
10- وورد بريس
كانت هذه المنصة الشعبية والتي تدعم عشرات الملايين من المواقع من أوائل الشركات المهمة التي تقبل الدفع بالبتكوين، وذلك من خلال الشراكة مع “BitPay”.
ما هو الذي يميز البتكوين؟
بالرغم من الغموض الذي يحيط بهذه النقود الافتراضية، إلا أن جاذبيتها لدى بعض المستخدمين تثير استغراب البعض، إلا أن هناك عدة أسباب تدعم الإقبال الملحوظ على التعامل بها، وأبرزها غياب الرقابة الحكومية عليها.
البتكوين غير قابلة للتتبع، لذلك هي وسيلة الدفع المفضلة لدى لصوص الإنترنت، إلا أنه بسبب التقلب السريع بسعر العملة يدفع الكثير إلى تحويلها لأشكال أخرى من النقود في أسرع وقت ممكن.
وتتميز هذه العملة، بعدم وجود رسوم على التحويلات بعكس الأخرى التقليدية، بالإضافة إلى السرعة والسرية في نقل التحويلات بين الحسابات، وهي أسباب إضافية تدعم الإقبال على العملة، كما أن الاستثمار الأكثر ربحية في العالم بالوقت الحالي، فربح أسبوع واحد قد يتجاوز ربح سنوات مقارنة بأسعار الفائدة حول العالم.
هل بتكوين هي العملة الرقمية الوحيدة؟
بيتكوين ليس العملة الرقمية الوحيدة في العالم، إلا أنها الأكبر سعرًا والأوسع انتشارًا، ولكن مؤخرًا ارتفعت عملة «Dash» الرقمية، وهي تعد منافسة للبتكوين،وتعتبر «داش» هي ثالث أكبر عملة رقمية بعد البتكوين و«ethereum» ثم تأتي عملات الرقمية الأخرى مثل «Zcash»، و«Monero»، و«DigitalCash»، و«Next».
ما هو حجم الاستثمارات العربية في البتكوين؟
كشفت صحيفة «الأنباء» الكويتية، خلال تقرير لها نشر مؤخرًا، عن أن عدد الكويتيين المستخدمين لهذه العملة الافتراضية نحو 12 ألف متداول حتى أكتوبر الماضي، ووصل حجم محافظهم إلى قرابة المليار دولار، فيما تشير بعد التقديرات إلى أن نسبة 13% من إجمالي قيمة التداولات العالمية على «بيتكوين» تتبع مستثمرين خليجيين، كما قالت شركة كربتو كروب الأمريكية والتي تختص في تداول بيتكوين، إن حجم التداولات الخليجية بات يصل إلى نحو 12 مليار دولار، وترتكز أغلبها في دبي– الإمارات.
وبالنسبة لمخاطر الاستثمار العربي في بيتكوين، فيمكن القول «ينبغي أن تكون مستعدًا لفقدان كل شيء»، هذه هي القاعدة الأساسية عند الاستثمار في بيتكوين، فهي عملة فاقدة لأي تنظيم دولي يكفل حقوق المتعاملين بها، ومع هذا الانتشار العربي باتت بيتكوين تشكل خطرًا يهدد اقتصاد دول المنطقة، التي تخسر يوميًّا جزءًا كبيرًا من ثرواتها يمكن استثماره في الاقتصاد الحقيقي، إلا أنه يذهب إلى العالم الافتراضي، وهو معرض في أي لحظة للانهيار.
ما هو موقف البنوك المركزية العربية من البتكوين؟
البنوك المركزية العربية من جانبها، حذرت مرارًا كل المتعاملين في المنطقة من تداول بيتكوين؛ ولكن لم تلقَ هذه التحذيرات صدى يذكر، إذ جاء التحذير في البداية من مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) التي أطلقت تحذيراتها لبنوكها في يوليو (تموز) الماضي، مؤكدة أن تداول العملة يعرِّض متداوليها لعواقب سلبية، وأن هذا النوع من العملات الافتراضية «لا يعد عملة معتمدة داخل المملكة».
كما سارع المركزي الكويتي بالتحذير أيضًا، إذ طلب اتحاد المصارف من البنوك تعزيز جهودها نحو حماية العملاء من انتشار العملات الافتراضية، موضحة أنها عبارة عن عملة رقمية، فائدتها الوحيدة إجراء تحويلات فورية إلى أي شخص في أي مكان في العالم عن طريق الإنترنت.
فيما حذر محافظ مصرف الإمارات المركزي من مخاطر استخدام العملة الافتراضية في الوقت الراهن، بسبب اعتمادها على العرض والطلب مع ارتفاع المخاطر الخاصة، إضافة إلى أنها لا تمر بالقنوات الرسمية، ولم تصدر أي تراخيص للعمل بالعملة الافتراضية في السوق المحلية، ولا يمكن الرقابة عليها بشكل كافٍ، وليس لها مرجع معروف، وصدرت كذلك تحذيرات من مصر والجزائر والمغرب وتونس والأردن.
وتأتي التحذيرات العربية خوفًا من خروج النقد الأجنبي عبر تجارة العملات الافتراضية، ما قد يخفض في مرحلة من المراحل معروض النقد الأجنبي، وبشكل ما تعترف الولايات المتحدة وألمانيا فقط ببيتكوين، في حين تحظر استخدامها دول أخرى، وأبرزها الصين وروسيا، وهناك متاجر إلكترونية تتيح لعملائها التعامل بها مثل: متجر مايكروسوفت، وجوجل، وباي بال، وأمازون.
هل البتكوين فرصة استثمارية حقيقية أم فقاعة؟
يرى الخبراء أن هذا النوع من العملات وفي مقدمتها بتكوين تمثل فرصة جيدة لمن يريد الاستثمار في الأشهر المقبلة، وسط زيادة الطلب على العملة الرقمية «بتكوين» بشكل ملحوظ في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد أن أجازت اليابان استخدامها وسيلةً للدفع، فضلاً عن كونها يمكن تداولها في البورصات مثل الأسهم والسندات، فقد أصبحت بتكوين وسيلة دفع لبعض شركات التجزئة، ووسيلة لتحويل الأموال دون الحاجة إلى طرف ثالث، وهو الأمر الذي يعزز فرص الاستثمار في العملة الأغلى في العالم حاليًا.
ولكن ارتفعت مؤخرًا أصوات المحذرين من العملة الرقمية، على غرار نصيحة الملياردير «وارن بافيت» الذي لا يؤمن بالعملة الافتراضية؛ لأنها ليس لها قيمة حقيقية برأيه، إذ يقول «ابق بعيدًا عن البتكوين؛ لأنها سراب في الحقيقة، إنها طريقة فعالة لنقل كميات من المال، وهي أيضًا تسمح لك أن تبقى مجهولًا، إلا أن الفاتورة تقوم بتحويل الأموال أيضًا، إن فكرة أن البتكوين تمتلك قيمة حقيقية عظمى هي برأيي مجرد مُزحة». وانضم مؤخرًا لصف المشككين «جي بي مورجان تشايس»، البنك الأمريكي متعدد الجنسيات للخدمات المالية المصرفية، وكذلك المستثمر الملياردير هوارد ماركس.
بينما يرى أندرو شنغ، زميل المعهد الآسيوي بجامعة هونج كونج، والرئيس السابق لهونج كونج للأوراق المالية والعقود الآجلة، «أن خطر العملات المشفرة يمتد إلى ما هو أبعد من تسهيل الأنشطة غير المشروعة، إذ لا تشتمل العملات المشفرة على قيمة جوهرية حقيقية، ولكنها، خلافًا للمال الرسمي، لا تشتمل على مسؤولية مقابلة، وهذا يعني عدم وجود مؤسسة مثل بنك مركزي له مصلحة ثابتة في الحفاظ على قيمتها»، ومع توسع نطاق استخدام العملات المشفرة، تتزايد أيضا العواقب المحتملة المترتبة على انهيارها.
وبالرغم من بورصة ناسداك، ثاني أكبر بورصة في العالم من حيث القيمة السوقية، تسعى لإدراج عقود البتكوين الآجلة في النصف الأول من 2018، وهناك تحذيرات من دول وخبراء من أن المكاسب الأخيرة تمثل فقاعة قد تسبب خسائر حادة للمستثمرين خلال الفترة المقبلة، وأن هنا إمكانية لعودتها مرة أخرى لمستوى 100 دولار، لذلك هناك توقعات بأن العملات الوهمية ستحدث أزمة مالية عالمية قادمة، وذلك بحسب الدكتور عبدالله العبدالجادر.
وبالانتقال إلى سؤال، هل يشكل البتكوين حاليًا فقاعة تقترب من الانفجار؟، يمكن القول أن الفقاعات تحدث عندما يرتفع أسعار نوع معين من الأصول فوق قيمتها الحقيقية بشكل كبير، ثم يستمر هذا الارتفاع بشكل مستمر لفترة معينة، إذًا هذا الارتفاع يمتاز بكونه غير مبرر: أي أن الأساسيات الاقتصادية للأصل -الخصائص الاقتصادية التي تعطي القيمة الحقيقية- لم تتغير بشكل كبير بحيث تبرر الارتفاع الكبير في السعر، فعلى سبيل المثال إن سبب فقاعة الإنترنت، كان شراء أسهم شركات تكنولوجيا المعلومات فقط لأنها مربحة، فقيمة الأسهم ترتفع باستمرار، إذا اشتريت اليوم، تبيع غدًا بثمن أكبر، وهنا يزداد الطلب وتحدث الفقاعة.
ولكن لماذا ينخفض السعر فجأة (انفجار الفقاعة)؟ غالبًا حدوث الهبوط أمر حتمي، وحينها فقط سيبدأ الناس في البيع الجنوني بنفس حماستهم عند الشراء الجنوني للأصل، وحينها فقط تنفجر الفقاعة وتحدث الكارثة، وربما يتساءل البعض لماذا لا يدرك الجميع ذلك، وفي الواقع، لقد سميت الفقاعة فقاعة لأن الذين يعيشون داخلها لا يعلمون أنهم داخل فقاعة، وهو ما حدث أثناء أشهر فقاعتين مرا على العالم.