تناول مركز أبحاث “ميد وتش” الألماني المتخصص في دراسات الشرق الأوسط، الوضع السياسي في تونس، قائلا قبل بضع سنوات، بدا وكأن تونس في طريقها إلى ديمقراطية حقيقية، ولكن خاب الأمل الآن، في ضوء مستجدات الوضع السياسي الراهن في تونس.
ووصف المركز ما حدث في صيف 2021 بـ”الانقلاب”، فمنذ ذلك الحين، حكم الرئيس قيس سعيد البلاد بنهج مستبد بشكل متزايد، بعد أن قلص صلاحيات البرلمان، لدرجة أن نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة كانت أقل من 10%، وهو الآن في طور وضع القضاء والصحافة تحت سيطرته.
في الأسابيع القليلة الماضية، تم إلقاء القبض على ممثلين غير مرحب بهم لوسائل الإعلام والمعارضة، مثل رئيس إذاعة موزاييك الشهيرة، وفي المظاهرة الاحتجاجية على اعتقاله، هاجم صحفيون آخرون الحكومة، معتبرين أنها تريد أن تخضع وسائل الإعلام لسلطتها.
تلقى المحتاجون دعما من الاتحاد النقابي قوي النفوذ، الذي أدى دورا رئيسا في الإطاحة بنظام بن علي في 2011، وعلى العكس من البلدان العربية الأخرى، تظل النقابات في تونس محتفظة بنفوذها حتى في ظل الديكتاتورية، وتؤدي دورا مهما في النزاعات الاجتماعية والسياسية.
ولكن سعيد لا يبدو عليه التأثر حتى الآن، وهو مستمر في متابعة مساره لإعادة البلاد إلى الحكم السلطوي، ولم يتبق له الكثير ليفعله، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الكارثي والتضخم، وهي التطورات التي تحدث في مصر أيضا على سبيل المثال.
ومثل نظيره في مصر، يتلقى الرئيس التونسي الدعم من السعودية والإمارات، وهما الدولتان اللاتي تحاولان في كل مكان قلب التحول الديمقراطي، وهو في ذلك، يعتمد على الشعبوية الديكتاتورية، بما فيها، إطلاق حملات الهجوم على اللاجئين من أفريقيا الوسطى، وتحميلهم مسؤولية الوضع السيء في البلاد.
يتهم المنتقدون قيس بنشر الكراهية التي قد تتحول قريبا إلى عنف مفتوح. وبينما تلقى سعيد إشادة من الجبهة الوطنية الفرنسية لتصريحاته العنصرية، اتهمه المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر بخلق أعداء وهميين للتغلب على مشكلات البلاد الملتهبة. في غضون ذلك، يتم اعتقال المهاجرين في جميع أنحاء البلاد و تهديدهم بالترحيل.
ولأنه يبدو شعبويًا جدًا ويلعب دور الرجل القوي، ما زال سعيد يتمتع بشعبية لا بأس بين أجزاء من السكان، بينما تظل المعارضة منقسمة ومشتتة بشكل مزمن وبالتالي لا تشكل تهديدًا خطيرًا على الرئيس.
اللامبالاة الدولية
لم تحرك أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية ساكنا، وكالعادة، الغرب لا يهتم كثيرا بالوضع الديمقراطي في تونس، وطالما هناك رجل يعد بتحقيق الاستقرار، فهذا يكفي. وهو ما أشار إليه إيشان ثرور، الكاتب في واشنطن بوست، عندما وصف الغرب بأنه صامت، تاركا الديمقراطية تحتضر في تونس.
لم يكن تحديا كبيرا أمام الاتحاد الأوروبي أن يدعم تونس اقتصاديا و استشاريا، فحتى الدستور الذي وضع بعد سقوط نظام بن علي، بدعم من فرنسا، كان معيبا، فقد أعطى لرئيس الجمهورية الكثير من السلطات، في حين، أن الدساتير البرلمانية تحتاج إلى ضمانات قوية لعدم عودة الاستبداد أو الديكتاتورية، حتى في أوقات الأزمات.
وبدلا من مساعدة تونس على إجراء إصلاحات اقتصادية طويلة الأجل من أجل التغلب على نظام اقتصادي أسس لخدمة بن علي، فرض صندوق النقد الدولي برامج تقشفية صارمة أصابت الشرائح الأفقر من السكان على وجه الخصوص ومهدت الطريق نحو البرامج الشعوبية التي وضعها سعيد.
واختتم التقرير بتوقع أن تشعر أوروبا بعمق المشكلة في تونس، فقط عندما تبحر قوارب المهاجرين غير الشرعيين من تونس نحو أوروبا.
- مركز أبحاث ألماني: لا حل للأزمة التونسية تحت قيادة “بن سعيد” - الثلاثاء _28 _مارس _2023AH 28-3-2023AD
- إندونيسيا تطلق برنامجا لتأهيل خبراء في الطاقة المتجددة - الأحد _26 _مارس _2023AH 26-3-2023AD
- الإذاعة الألمانية: هل ستحقق الأمم المتحدة في تأخر مساعدتها لسوريا؟ - الأحد _26 _مارس _2023AH 26-3-2023AD