تناولت إذاعة “دويتشه فيله” الألمانية الآثار الاجتماعية والإنسانية التي ما زالت ماثلة بعد نحو شهر من سلسلة الزلازل التي ضربت سوريا وتركيا.
وقالت الإذاعة في تقريرها إن 50 ألف شخص لقوا حتفهم، وفقد ملايين منازلهم، وتدمر حوالي 214 ألف منزل، جراء الزلازل التي ضربت المنطقة في 6 فبراير الماضي، وما زال الملايين من الأشخاص في حاجة عاجلة للمساعدة.
امتدت الوفيات والأضرار إلى 11 مقاطعة في تركيا وحدها، بعد شهر واحد. ومن المتوقع أن يرتفع أعداد القتلى هناك لأن العديد من الضحايا لم يتم التعرف عليهم بعد، ولم يتم تسجيل العديد من الأشخاص رسميا كموتى، حيث يواصل الناجون البحث عن أحبائهم.
ولم تجب وزارة العدل التركية على سؤال “دويتشه فيله” عن عدد المفقودين.
وتداخل الحزن مع الغضب بعد الزلازل، فالناس بدأت أن تسأل عن الكيفية التي جعلت تهاوى المنازل التي تعتبر مقاومة للزلازل، بمثل هذه السهولة، ملقين اللوم على السلطات، متهمينها بالإهمال.
ولا يبدو أن شركات البناء في العديد من الحالات، تتبع لائحة السلامة والامان، وحتى الآن، يشتبه في نحو ألف شخص في أنهم خالفوا قواعد البناء، وتم إلقاء القبض على 235 شخصا، و330 تحت المراقبة، وأربعة رهن الحبس الاحتياطي، وصدرت مذكرة إلقاء قبض على نحو 270 شخصا، خمسة في الخارج، و82 تم إطلاق سراحهم، فيما توفي 32.
وحذرت هيئة إدارة الكوارث والطوارئ التركية من العواقب الكارثية المحتملة لزلزال وقع قبل سنوات، كما أعدت وأصدرت خططا للفترة من 2019 إلى 2021، للحد من مخاطر الكوارث.
في عام 2020، توقعت إحدى هذه الخطط وقوع زلزال بقوة 7.5 درجة في مقاطعة كهرمانماراس، وتحقق هذا التوقع في 6 فبراير.
جرح ملايين الأطفال في تركيا
وبحسب اليونيسف، فقد تضرر حوالي 5 ملايين طفل من الزلازل، ففي 1 مارس، قالت وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية التركية إن من بين 1911 طفلا تم إنقاذهم من تحت الأنقاض، ولم يحتاجوا إلى تدخل طبي مكثف، أعيد 1543 إلى عائلاتهم. وما زال ما يقرب من 100 في رعاية الوزارة نفسها، و81 مفقودين.
ورفضت الوزارة ما تردد عن تسليم بعض الأطفال لجماعات إسلامية لها صلات رسمية، وهو الإدعاء الذي أطلقته قناة “هالك تي في” المعارضة.
تركيا ما بين الانتخابات ومليارات إعادة الإعمار
مع توجه تركيا إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في وقت لاحق من هذا العام، تواجه الحكومة انتقادات شديدة، ولكنها توقفت لفترة وجيزة بعد الزلزال.
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المعارضة في خطاب ألقاه وأشار إلى أن الانتخابات ستقدم من يونيو إلى 14 مايو، وفقا لما تم إعلانه في يناير، قبل وقوع الزلزال.
وقال في أنقرة: “الشعب سيفعل بإذن الله، ومع اقتراب الوقت، ما هو ضروري يوم 14 مايو”، ومن المتوقع صدور مرسوم رئاسي لجعل هذا التاريخ رسميا.
لم يعرف بعد كيف يمكن الانتخاب في المناطق التي تضررت من الزلازل. كان هناك اقتراح بأن الناخبين من منطقة الزلزال سيكونون قادرين على الإدلاء بأصواتهم في مدن أخرى في الانتخابات الرئاسية، ولكن ليس في الانتخابات البرلمانية.
تأتي مهمة إعادة الإعمار الضخمة مع دخول تركيا بالفعل في خضم أزمة اقتصادية. قدر البنك الدولي أن الزلزال تسبب في أضرار مادية لا تقل عن 34.2 مليار دولار. وفق مكتب الإحصاء التركي، يعيش ما يقرب من 14 مليون شخص في 11 مدينة رئيسة في منطقة الزلزال. ويعتمد الاقتصاد الإقليمي، الذي يمثل نحو 9.8% من الناتج الإجمالي للبلاد، على الزراعة وتربية الحيوانات، فضلا عن المنسوجات والصلب والطاقة.
نشر الخبير الاقتصادي محفي إيجلمز، وكيل وزارة المالية السابق، دراسة تفصيلية عن العواقب الاقتصادية للزلازل. وقد قدر أن تكلفة إزالة الأنقاض، وإصلاح المباني السكنية والبنية التحتية المتضررة، وبناء منازل جديدة وإعطاء مساعدات مالية حكومية بقيمة 2.5 مليار دولار، ستصل إلى ما مجموعه 48.7 مليار دولار. وسيخصص 27 مليار دولار من هذا المبلغ لبناء مساكن جديدة.
قال الاقتصاديون إن الدمار سيؤدي إلى زيادة الطلب على العديد من المنتجات والخدمات، ما سيؤدي بدوره إلى زيادة التضخم المرتفع بالفعل.
وقال مراد كوبلاي، خبير اقتصادي لـ”دويتشه فيله” إنه يتوقع أن يصل التضخم إلى 50% على الأقل بحلول نهاية عام 2023.
عدد ضحايا سوريا مجهول
في شمال سوريا، كانت زلازل 6 فبراير هي أحدث ضربة للمنطقة التي دمرتها بالفعل 12 عامًا من الحرب الأهلية التي شنها نظام بشار الأسد بدعم من روسيا وإيران.
وردت معلومات أقل من سوريا في الأسابيع التي تلت الكارثة، حيث يعيش الكثيرون في أماكن محفوفة بالمخاطر بعد سنوات من القتال.
قدرت الأمم المتحدة أن نحو 8.8 مليون شخص قد تضرروا من الزلزال، والعديد منهم الآن بلا مأوى. رسميا، أبلغت البلاد عن 5900 حالة وفاة، لكن الرقم الفعلي ربما يكون أعلى من ذلك بكثير.
مع إغلاق الحدود الدولية، لم يتلق الكثير من السوريين أي مساعدة على الإطلاق في الأيام القليلة الأولى بعد الزلازل، على الرغم من إرسال المساعدات الآن إلى سوريا، لا تصل إلى المتضررين، فأجزاء كبيرة من منطقة الزلزال ليست تحت السيطرة الكاملة للنظام.
تسيطر المعارضة على مدينة إدلب، وهي آخر معاقلهم في سوريا، ويسكنها أكثر من مليوني شخص، وقال مراقبون إن المساعدات الرسمية لم تصل إلى هناك.
قبل الزلازل، كان هناك بالفعل نحو 1.8 مليون نازح يعيشون في خيام مؤقتة وملاجئ ومنازل في شمال غرب سوريا. الآن، يضطر الكثيرون للعيش في العراء في درجات حرارة شديدة البرودة.
وقال عمار فايد، أحد الناجين السوريين، لـ”دويتشه فيله” إنه يعيش مع ابنه في السيارة، قائلا: “سعر الخيمة يبلغ ما بين 200 إلى 400 دولار، وليس بمقدوري تحمل هذه التكلفة، لذا قررنا البقاء هنا”.
- باحث أمريكي: انتهاء عصر الهيمنة الأمريكية على الشرق الأوسط - الثلاثاء _21 _مارس _2023AH 21-3-2023AD
- مركز أبحاث أمريكي يتساءل: هل يمكن للكيان الصهيوني أن يعقد هدنة مع إيران؟ - الثلاثاء _21 _مارس _2023AH 21-3-2023AD
- مركز بحثي: دارفور تشهد 130 واقعة عنف منذ بداية العام - الثلاثاء _21 _مارس _2023AH 21-3-2023AD