في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا، سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” في تقرير لها على مدى استعداد الدول الغربية لصراع طويل الأمد.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن روسيا تراهن على تضاءل دعم الدول الغربية لأوكرانيا مع استمرار الصراع، لا سيما وأن احتمالات التوصل إلى تسوية تظل بعيدة في المستقبل القريب.
وقطعت أوروبا اعتمادها على الطاقة الروسية بألم محدود وبدون كوارث سياسية. كما ترسخ الإجماع الغربي على دعم كييف بالأسلحة مع نمو جميع الاقتصادات الغربية الرئيسية في عام 2022 رغم الاضطرابات، بحسب الصحيفة.
ومع ذلك، لم تقم الولايات المتحدة ولا أوروبا بإجراء تعديلات “ضرورية” في الإنتاج العسكري للحفاظ على أوكرانيا في حرب قد تستمر لعدة سنوات.
كما أن الدول الغربية ليست محصنة ضد الألم من صدمات جديدة على صعيد الطاقة، وفقا للصحيفة.
وقال برونو تيرتريس، نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية، وهي مؤسسة فكرية مقرها في باريس، إن “فكرة وجود حرب تقليدية في أوروبا تستمر مثل الحربين العالميتين ليست شيئا مستعدون له حتى الآن”.
وإذا كان عامل الوقت لصالح موسكو، فمن مصلحة الغرب زيادة الدعم لأوكرانيا بشكل كبير خلال الأشهر المقبلة والتخلي عن الحذر المفرط الذي اتسمت به عمليات تسليم الأسلحة حتى الآن، كما يقول، إدوارد سترينغر، الرئيس السابق للعمليات في هيئة أركان الدفاع البريطانية.
وأضاف: “من خلال الاستمرار في (تزويد الأسلحة) بالتنقيط بما يكفي فقط حتى لا تخسر أوكرانيا، فإن ما يفعله الغرب هو مجرد إطالة أمد الحرب”.
وتابع: “سواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، فإن روسيا قد ألقت تحديا بالغرب. وعلى الرغم من أن قواتنا لا تقاتل هناك، فإننا ممولون في هذا الصراع، وعلينا توفير العتاد لكسبه”.
وتعتمد أوكرانيا بالكامل على الأسلحة التي تقدمها الدول الغربية في صد الغزو الروسي المستمر منذ قرابة العام، وذلك بعد تدمير صناعة الدفاع الأوكرانية بسبب الضربات الجوية الروسية خلال 11 شهرا من الحرب، بحسب “وول ستريت جورنال”.
ومع ذلك، لا تزال مشتريات الدفاع والتصنيع في الدول الغربية تتبع إلى حد كبير الإجراءات والجداول الزمنية في أوقات السلم بعكس روسيا.
وقال مدير الدراسات الروسية في معهد أبحاث “سي أن إيه” في أرلينغتون بولاية فيرجينيا، مايكل كوفمان، إن “الحروب هي في الأساس صراع إرادات”.
وأضاف أن “أوكرانيا لديها فرصة أفضل لكسب الصراع بفضل الدعم الغربي، لكن هذه ليست نتيجة محددة سلفا. إنها احتمال فقط”.
ويقول محللون عسكريون إن أوكرانيا تستخدم قذائف مدفعية من عيار 155 ملم قدمها الغرب بمعدل ضعف معدل التصنيع من قبل الولايات المتحدة وحلفائها.
في ظل هذا المعدل من إطلاق النار، يمكن أن تخفض كييف الاحتياطيات الأمريكية والأوروبية إلى مستويات حرجة في وقت ما هذا الصيف أو الخريف.
بحلول ذلك الوقت، قد تكون روسيا – بتركيزها المنفرد على الحرب – قادرة على توسيع إنتاجها من الذخيرة لمواكبة وتيرة القتال.
وتستثمر الولايات المتحدة وحلفاؤها في خطوط إنتاج ذخيرة جديدة، لكن من غير المرجح أن تحدث فرقا كبيرا حتى العام المقبل، مما يخلق فجوة خطيرة محتملة بين القوة النارية لأوكرانيا وروسيا في النصف الثاني من عام 2023.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، ينس ستولتنبرغ، “يجب ألا نقلل من شأن روسيا.
إنهم يحشدون المزيد من القوات ويعملون بجد للحصول على المزيد من العتاد والذخيرة. كما أظهروا استعدادا لمواصلة الحرب”.
من جانبه، قال سفير الولايات المتحدة السابق لدى الناتو الذي يرأس مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، إيفو دالدر، “إن فكرة السلام غير موجودة؛ لأن بوتين يبذل قصارى جهده لتوضيح أن هذا أمر وجودي بالنسبة له”.
وأضاف: “إنه يعد شعبه لحرب طويلة، ولا أعتقد أنه سيتخلى أبدا عن طموحاته الإمبريالية للسيطرة على أوكرانيا”.
وقال إن على الولايات المتحدة وحلفائها أن يبدأوا بالفعل في الاستعداد لدمج أغلبية الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة الأوكرانية في المؤسسات الغربية دون انتظار انتهاء الحرب.