
تباينت ردود الأفعال حول الإجراءات التى تتخذها المملكة العربية السعودية بقيادة الأمير الشاب، “محمد بن سلمان”، بين مؤيد ومعارض، ومبرر وأخر يري أنها ترمي لأهداف بعيدة عن الاعتقالات والتوقيفات، وأخر يري أنها مجرد مفاوضات ويرفض تسميتها بالاعتقالات.
ثلاثة أمور جمعتها “الأمة”، من ردود أفعال الكتاب والسياسيين حول توقيفات الأمراء ورجال الأعمال كان في مقدمتها تغطية الأمير الشاب على فشل رؤية المملكة 2030 والتى لم تقدم المملكة على أي خطوة تظهر تظهر نجاحها.
الاعلامي السعودي “هاني نقشبندي” في رده حول كيف يقرأ الغرب الاجراءات المتخذة في إطار ما يسمى بحملة مكافحة الفساد في السعودية، قال، ” ان هذه الإجراءات تأكيد من محمد بن سلمان للغرب على أن السعودية جادة للمضي قدما نحوا ما سماه، “الإسلام المعتدل”، وأيد فكرة البعض حول أنها تهدف إلى تعزيز سلطة محمد بن سلمان ولكن من قبل الشارع السعودي.
الصحفي الاقتصادي المصري، “مصطفي عبد السلام”، تسائل في تدوينة له على موقع تدوين، “الجزيرة”، ” لماذا فتحت الحكومة السعودية الآن كل هذه الملفات المرتبطة بالفساد دفعة واحدة؟ ألا توجد هيئة مكافحة الفساد “نزاهة”، والتي جرى تأسيسها منذ عام 2011، تحت عنوان حماية المال العام، ومحاربة الفساد، والقضاء عليها، وهي نفس أهداف اللجنة التي تم تشكيلها أمس”؟
وتابع عبد السلام، “هناك أساب أخرى قد تكون دعت الحكومة السعودية للحديث بشكل مكثف عن مكافحة الفساد واتخاذ مثل هذه الإجراءات غير المسبوقة ضد أمراء ورجال أعمال ووزراء.
وأضاف، “من وجهة نظري فإن السلطات السعودية تحاول من خلال حملة مكافحة الفساد الحالية ضرب عصافير عدة بحجر واحد؛ الأول هو تعزيز سلطة ولي العهد محمد بن سلمان، وإظهاره بمظهر الشخص القوي الذي يحارب الفساد ويضرب بيد من حديد على بؤره حتى لو كانت قادمة من الأمراء والوزراء الحاليين، والثاني هو التخلص من أي معارضة محتملة للأمير محمد، والثالث هو امتصاص الإحباط والاحتقان السائدة بين كثير من السعوديين بسبب عدم تحقيق إنجازات ملموسة على المستوى الاقتصادي وأن رؤية 2030 لم ينفذ منها سوى الشق المتعلق بزيادة الرسوم والأسعار وخفض دعم الوقود والبدء في خصخصة بعض المؤسسات الحكومية”.
واتسع أمس الاثنين نطاق حملة اعتقالات جماعية شملت أفراداً من العائلة الحاكمة السعودية ووزراء ورجال أعمال؛ بعد اعتقال مؤسس واحدة من أكبر شركات السياحة في المملكة، وذلك في أكبر حملة تطهير لمكافحة الفساد في التاريخ الحديث للمملكة.
والاعتقالات هي الأحدث ضمن سلسلة خطوات جذرية اتخذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لتعزيز نفوذ السعودية على الساحة الدولية، وتعزيز نفوذه داخلياً؛ في إطار نظام حكم بالوراثة. وتضاف الحملة أيضاً إلى قائمة التحديات التي يواجهها الأمير البالغ من العمر 32 عاماً منذ تولي والده الملك سلمان العرش في 2015، بما في ذلك الحرب في اليمن، وتصعيد المواجهة مع إيران، وإصلاح الاقتصاد للحد من اعتماده على النفط.
اندهش حلفاء وخصوم المملكة على السواء من سياسة حازمة -قد يصفها البعض بالمندفعة- في مملكة كانت يوماً ما تؤثر الاستقرار. ولم تتسبب حملة الاعتقالات في معارضة شعبية داخل المملكة، سواء في الشارع أو على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثنى سعوديون كثيرون على الإجراءات.
لكن منتقدين من خارج المملكة يرون في التطهير مؤشراً آخر على عدم التساهل من قبل زعيم متعطش للسلطة؛ يحرص على منع معارضيه من الوقوف في وجه إصلاحاته الاقتصادية، أو تقويض توسيع نفوذه السياسي.
وفي مقالة بصحيفة واشنطن بوست، أثنى الكاتب السعودي الكبير جمال خاشقجي على حملة مكافحة الكسب غير المشروع، لكنه قال إن ولي العهد يفرض عدالة انتقائية للغاية. وأضاف أن شن حملة حتى على الانتقادات الأكثر بناءة، وطلب الولاء الكامل مصحوباً بعبارة «وإلا» واضحة يظل تحدياً جدياً لرغبة ولي العهد في الظهور في صورة زعيم عصري مستنير.
وأفاد النائب العام السعودي، الاثنين، أن الشخصيات السياسية والاقتصادية التي اعتقلت في إطار عملية محاربة الفساد سيواجهون المحاكمة. وقال النائب العام الشيخ سعود المعجب في بيان إنه «تم استجواب كل المشتبه بهم بشكل مفصل، وتم كذلك جمع عدد كبير من الأدلة».