
في الوقت الذي أعلنت فيه مصر عن زيادات تتراوح ما بين 42% إلى 100% في أسعار كلًا من الوقود والكهرباء، تشهد أسعار حديد التسليح في مصر ارتفاعات كبيرة بشكل يومي في الآونة الأخيرة بعدما فرضت الحكومة في مطلع يونيو رسوم إغراق مؤقتة على واردات الحديد من ثلاث دول.
وكان وزير الكهرباء المصري صباح اليوم الخميس إن مصر رفعت أسعار الكهرباء للمنازل بين 18.2 و42.1 بالمئة وللاستخدام التجاري بين 29 و46 بالمئة بداية من أول أغسطس، مضيفا أنه تقرر تمديد دعم أسعار الكهرباء ثلاث سنوات أخرى تنتهي في يونيو 2020 بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه.
ويعاني المصريون من زيادات متكرره منذ أن حررت مصر سعر صرف العملة المحلية في نوفمبر في خطوة أفقد الجنيه نصف قيمته أمام الدولار، فيما سجل معدل التضخم السنوي في مدن مصر نحو 29.7 بالمئة في مايو أيار وذلك للمرة الأولى في ستة أشهر بعد وصوله في الربع الأول من 2017 إلى أعلى مستويات في نحو 30 عاما.
وبلغ التضخم السنوي الأساسي، الذي لا يتضمن سلعا مثل الفاكهة والخضراوات بسبب التقلبات الحادة في أسعارها، 30.57 بالمئة في مايو أيار انخفاضا من 32.06 بالمئة في أبريل نيسان.
تنفذ الحكومة المصرية برنامج إصلاح اقتصادي منذ العام الماضي شمل فرض ضريبة القيمة المضافة وتحرير سعر الصرف وخفض الدعم الموجه للكهرباء والمواد البترولية سعيا لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية.
على الجانب الأخر، فقد أعلنت مصر، الخميس الماضي، عن رفع أسعار الوقود للمرة الثانية منذ تحرير سعر الجنيه في نوفمبر الماضي، وكشف وزير البترول طارق الملا عن رفع أسعار وقود وسائل المواصلات بنسب تتراوح بين 5.6 و55 بالمئة.
وتتهم شركات الحديد التجار برفع الأسعار لتعظيم المكاسب في حين يقول التجار إن المصانع تخفض الإنتاج وتوقف التسليم.
وقال عدد من التجار إن أسعار طن حديد التسليح للمستهلك تدور بين عشرة آلاف و700 جنيه (597.43 دولار) للطن في السويس التي بها عدد كبير من مصانع الحديد وعشرة آلاف و900 جنيه في القاهرة وعشرة آلاف و850 جنيه في سوهاج ونحو 12 ألف جنيه في بني سويف وحوالي 11 ألفا و200 جنيه في المنوفية والفيوم ودمياط والأقصر والمنصورة.
وقال عبد العزيز الشاذلي أحد كبار تجار الحديد في المنوفية شمالي القاهرة “طن حديد التسليح يتم تسليمه في مصانع بشاي بسعر عشرة آلاف و375 جنيها للطن ويصل للمستهلك بسعر عشرة آلاف و850 جنيها و11 ألفا و200 جنيه بسبب طول فترة انتظار سيارات النقل التي تصل أحيانا إلى ما بين أربعة وخمسة أيام.
“مصانع حديد عز متوقفة عن التسليم وذكرت أن السبب نقص الخامات مع تأكيدها أنها قد تعود للعمل اليوم أو غدا… أصحاب المصانع يعملون على تعطيش السوق بحجة نقص الخامات لرفع الأسعار مستقبلا وتثبيتها عند مستوى 11 ألف جنيه للطن”.
لكن جورج متى رئيس قطاع التسويق في شركة حديد عز المصرية أكبر منتج لحديد التسليح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نفى ذلك قائلا لرويترز “لم تقم حديد عز بزيادة أسعارها منذ بداية الشهر الماضي وهي لا زالت عند حدها المعلن وهو 9988 جنيها للطن شاملا الضريبة تسليم أرض المصنع وبالتالي لايوجد أي مبرر للزيادات المتتالية التي نراها في أسعار السوق.
“تسليماتنا زادت الشهر الماضي بنحو سبعة بالمئة ونحن مستمرون في الانتاج بأقصى طاقة ممكنة ولا يوجد لدينا أي مخزون… نقوم بتسليم جميع تعاقداتنا دون أي نقصان”.
وقال أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء في غرفة القاهرة باتحاد الغرف التجارية لرويترز “السبب الحقيقي لارتفاع الأسعار هو قرار فرض رسوم الإغراق الذي قضى تماما على المنافسة.
“المصانع المنتجة لا تعمل بكامل طاقتها وهناك نقص في تسليم المقاسات شائعة الاستخدام وخاصة مقاس عشرة مليمترات. أنا شخصيا عاجز عن شراء 100 طن حديد تسليح حتى الآن”.
وفرضت مصر، التي يبلغ إنتاجها من حديد التسليح نحو ستة إلى سبعة ملايين طن سنويا، مطلع يونيو حزيران رسوم إغراق مؤقتة لمدة أربعة أشهر على واردات حديد التسليح من ثلاث دول هي تركيا والصين وأوكرانيا. وتنتهي مدة سريان رسوم الإغراق في سبتمبر أيلول المقبل.
وقال متى “هناك من التجار من يريد خلق أزمة وهمية لتبرير زيادات الأسعار والعودة إلي الاستيراد”.
ويعمل في مصر نحو 24 شركة حديد تسليح أبرزها حديد عز وبشاي والسويس للصلب.
وقال رفيق الضو العضو المنتدب لشركة السويس للصلب ووكيل غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات لرويترز “أسعار حديد التسليح في المصانع لم تتغير منذ الشهر الماضي. رفع الأسعار في السوق يرجع لوجود توقعات لدى التجار بارتفاع الأسعار بسبب زيادة أسعار الخامات عالميا.
“مصنعي شغال بكامل طاقته الإنتاجية. لا يوجد أي طن حديد لدينا على الأرض كل ما ينتج يباع في الحال”.