-
اليمن قد يدخل في نفق مُظلم
-
انقلاب الحوثي خلق كيانات جديدة
-
نظرة المجتمع الدولي للأزمة «تزيد الطين بلة»
-
الجولات الخارجية للعليمي تُجمل صورة التحالف
-
الحوثي تستهدف الموانىء للسيطرة على النفط والغاز
الأمة – خاص| يستيقظ اليمنيون صباح كل يوم على أمل إنهاء الحرب التي عانى من ويلاتها الجميع، ومّا أن تلوح في الأفق بادرة انفراجة على فترات متباعدة؛ سرعان ما تتبخر ويتبدد معها كُل المساعي الرامية لإحلال السلام.
يترك الرئيس عبد ربه منصور هادي الحُكم، ويأتي مجلسًا رئاسيًا يتولى زمام الأمور على أمل إحلال السلام لكن «لا جديد يُذكر» فحاضر الأزمة اليمنية لا يختلف عن ماضيها في شيء، الحرب ما زالت مستمرة والحوثي يواصل انتهاكاته بلا رحمة ومعاناة الشعب تتفاقم كل يوم، لذلك أجرت «الأمة» حوارًا مع الدكتور عادل دشيلة، الباحث السياسي اليمني.
وفيما يلي نص الحوار:
○ ما الذي طرأ على المشهد اليمني منذ تولي مجلس القيادة الرئاسي زمام الأمور؟
○○ لم يتغير أي شيء باستثناء أن تشكيل هذا المجلس جاء بُناءً على رغبات الإقليم وتم استيعاب الأطراف المناوئة لجماعة الحوثي بما في ذلك «الانتقالي الجنوبي» الانفصالي وقوات المقاومة الوطنية بقيادة نجل الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح بالإضافة إلى القوى الأخرى.
وتم استيعاب هذه القوى في إطار مشروع سياسي مدعوم من التحالف العربي، لكن لا تزال الأمور في مكانها ولم يتغير أي شيء على المستويين الأمني والعسكري وبقية الجوانب الأخرى.
○ برأيك.. هل تعرض الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي لضغوطات كي يتنحي عن الحُكم؟
○○ بدون شك.. لقد تعرض الرئيس السابق هادي لضغوطات وتم التوافق في نهاية المطاف على المجلس الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء بقيادة رشاد العليمي، وفي تصوري أن هذا المجلس لم يُشكل بناءً على رغبات اليمنيين ولكنه جاء بحسب رغبة الإقليم حسبما ذكرت سابقًا.
○ ما الذي يعود على اليمن من الجولات الخارجية لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي؟
○○ التحركات الدبلوماسية أمر جيد على المستوى الخارجي، ولكن اليمن يحتاج إلى وجود الدولة على الأرض من خلال تواجد القيادات الحكومية على المستويات الأمنية والعسكرية والسياسية، بالإضافة إلى أن ظهور رئيس مجلس القيادة في الخارج والرياض تحديدًا وتنقله بين عواصم العالم لن يعود بالنفع على اليمنيين لكنه يُجمل صورة التحالف العربي بأنه مازال يقف مع اليمن وأن هذه القيادة تُمثل الشعب من خلال تحركها بكل أريحية في الخارج.
○ هناك تصاعد متواصل للقتال بين القوات الحكومية ومليشيات الحوثي في الأسابيع الأخيرة.. كيف ترى ذلك؟
○○ جماعة الحوثي لا تزال تعول على الخيار العسكري لحسم الموقف لصالحها ما لم يُقدم لها التنازلات السياسية الجوهرية والاعتراف بحكمها، كما أن مشروعها مرتبط بالمشروع الإيراني في المنطقة ولا يمكن أن تتحرك بمعزل عن طهران.
○ لماذا هدد الحوثي باستهداف أمن البحر الأحمر وإمدادات التجارة العالمية في هذا التوقيت؟
○○ تستهدف الجماعة في الوقت الراهن الموانىء اليمنية لنيل نصيبها من النفط والغاز، كما تمنع تصدريهما في الوقت الراهن كي تضمن حصتها من هذه الموارد.
○ هل التهديد الحوثي لاستهداف أمن الملاحة له علاقة بالاحتجاجات التي تشهدها طهران؟
○○ التهديد الحوثي باستهداف أمن البحر الأحمر لا يستعبد أن يكون بإيعاز من إيران ومن المؤكد أن هذا التهديد له علاقة بالاحتجاجات التي تشهدها طهران ضد النظام الذي قد يُعطي الحوثي الضوء الأخضر لإرباك المشهد عسكريًا وأمنيًا في المنطقة، فلا يُستبعد أن تستهدف تلك الجماعة الملاحة في البحرين العربي والأحمر.
○ البعض يتحدث عن وجود خلافات داخل مجلس القيادة الرئاسي.. كيف ترى ذلك؟
○○ نعم يوجد خلافات، لأن الإخوة في المجلس الانتقالي الجنوبي يريدون فقط شرعنة ما يقومون به على الأرض وأعمالهم في المستقبل ولديهم مشروع سياسي واضح إذ يسعون لقيام دولة مستقلة على حدود ما قبل عام 1990، بينما أعضاء مجلس القيادة الباقين سواء «طارق صالح و سلطان العرادة وعبدالله العليمي ورئيس المجلس رشاد العليمي» يريدون دولة وطنية يمنية موحدة إما عبر حُكم لا مركزي أو نظام فيدرالي.
والخلافات لا تزال متواجدة، فهناك تيار مدعوم من السعودية والآخر من الإمارات، والمجلس الانتقالي الجنوبي هو الذي يُربك أعمال مجلس القيادة الرئاسي لأنه يُسيطر على العاصمة المؤقتة عدن.
○ هل انتهي الدور العسكري للتحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن تمامًا؟
○○ السعودية تريد الانسحاب من المشهد بطريقة هادئة لكنها لا تستطيع حتى هذه اللحظة إعلان إنهاء عملياتها العسكرية في اليمن دون الوصول إلى تسوية سياسية شاملة والحديث عن انتهاء الدور العسكري للتحالف في الوقت الراهن لا يبدو واقعيًا فلا يزال هناك تواجد له.
وبكل تأكيد السعودية لم تعد تعول على الخيار العسكري ضد جماعة الحوثي فهى تبحث عن خروج آمن لها من اليمن وتحاول إيجاد تسوية سياسية لكن الحوثي ترفض وتشترط الاعتراف بحكمها.
○ برأيك.. كيف تنتهي الأزمة اليمنية ومتى؟
○○ الأزمة مُعقدة، حيث أن انقلاب جماعة الحوثي خلق كيانات آخرى داخل أراضي الجمهورية، فلدينا مشاكل «الحراك التهامي»، وهناك مظلومية لأبناء جنوب اليمن ومناطق آخرى، وبات لدينا أطراف محلية كثيرة، فمثلًا: أبناء حضرموت يريدون إقامة دولة مستقلة خاصة بهم، والمجلس الانتقالي الجنوبي يريد إقامة دولة مستقلة بالقوة العسكرية وهناك من يرفض ذلك كقبائل شبوة وأبناء المهرة.
في تصوري؛ حل الأزمة اليمنية لا يمكن أن يكون بشكل جذري إلا بخطوتين: الأولى تتمثل في وقف الدعم العسكري والسياسي من التحالف «خاصة الإمارات» عن المجلس الانتقالي الجنوبي، والخطوة الثانية، هى دعم الدولة الوطنية اليمنية بمحاصرة جماعة الحوثي من خلال اعتراض شحنات الأسلحة التي تصل إليها من إيران والضغط عليها بكل السبل الاقتصادية والعسكرية، وقتها ستأتي إلى طاولة المفاوضات.
ولا يمكن أن تتأسس دولة بالجنوب وآخرى زيدية مذهبية في الشمال لأن ذلك يُعني دخول اليمن في نفق مظلم وصراعات أكثر من أي وقت مضى، لذلك الحل يتمثل في تشجيع الحكم اللامركزي «الإداري والمالي» في كل أنحاء البلاد بعد إنهاء الحرب وإعادة الإعمار ومن ثم تمكين أبناء المحافظات لحكم مناطقهم في إطار تهدئة عامة ومرحلة انتقالية لسنوات ثم يتم الحوار على شكل الدولة الوطنية اليمنية إما أن تكون دولة اتحادية فيدرالية أو لا مركزية بسيطة.
○ كيف ترى موقف المجتمع الدولي والدول العربية تحديدًا من الأزمة اليمنية؟
○○ المجتمع الدولي لا ينظر للأزمة اليمنية إلا من منظور اقتصادي وآخر أمني، وتربطه علاقات مع دول الإقليم وتحديدًا السعودية والإمارات، واستمرار المجتمع الدولي في النظر للأزمة من خلال القوى الإقليمية لن يحل بل يزيد الطين بلة، وعليه التغيير في سياسته بالاستماع إلى الأطراف اليمنية الغير مسلحة تحديدًا والسعى إلى إيجاد تسوية وفقًا لمصالح اليمنيين فقط.
أما عن موقف الدول العربية من وحدة الأراضي اليمنية فهو واضح تمامًا وهذا شيء إيجابي، لكن على المستوى الأمني والعسكري لا يوجد دور قوي لأن ما يتصدر المشهد هو السعودية والإمارات لذلك لا يمكن أن تتدخل أي دولة آخرى في الأزمة.
○ لماذا رفض الحوثي تجديد الهدنة هذه المرة وهل هُناك جديد في جهود إحلال السلام؟
○○ الجماعة كانت تتطلع إلى فتح المطارات والموانىء بشكل كامل دون قيود والحوار بشكل مباشر مع السعودية لكن الأخيرة لم تقبل بالجلوس معها وهذا جوهر الخلاف، فالحوثي لا يزال يعول على تقديم تنازلات جوهرية من قِبل السعودية كالاعتراف بحكمه، وإذا اعترفت المملكة بالأمر الواقع في صنعاء فهذا يعني انتهاء الحرب عمليًا وتستطيع الجماعة حسم الموقف عسكريًا مع الأطراف اليمنية الأخرى.