- كورونا وخونة حكام المسلمين. - الخميس _7 _مايو _2020AH 7-5-2020AD
- الطُّيُـــــور .. - السبت _7 _ديسمبر _2019AH 7-12-2019AD
- الولاء.. الله، أم البلدُ والعِرقُ والقارّة - الأحد _7 _يوليو _2019AH 7-7-2019AD
لماذا لا تقبلُ تغييرَ دينك كما تغيرُ ملابسك ولا تشعر بحرج كبير أو بوقوع مصيبة؟ لمَ تعطي الأمر حجما كبيرا هكذا؟!
نعم، إن النفس تحب العاجلة، وكل ابن آدم مفتونٌ ومُمتحَن، غير أن هناك أمورا كبارا لا يقبل أحد الامتحان فيها، بل وندعو الله جل شأنه ألا يجعل امتحاننا وفتنتنا فيها، كأن تغير دينك مثلا.
ولكن دعني أسلط الضوء معك على فكرة واحدة، ماذا لو عمل عدوك بشيء من ذكاء، فلم يجبرك على تغيير دينك، واحترم تمسكك الأجوف به، ولكن أفرغ هذا التمسك من محتواه، بمعنى ان يجعله مجرد شكل وصورة لا قيمة لها، مجرد اسم، فأنت تؤمن بالله كمسلم، ولكنك لا تعبده، ولا تحكّمه في شيء من شؤون حياتك، بل تحكّم منفعتك ومصلحتك، عندها، لمَ تغير دينك؟ الأمور تسير كما يريد عدوك تماما، فابقَ على دينك، لا بأس.
في كل بلد من بلاد المسلمين حملات لتغيير القناعات عمرها عشرات السنين منذ سقوط دولة الخلافة الإسلامية، وطال علينا الأمد، وبالتعود والتكرار شبه اليومي، وعمل آلة الإعلام الجبارة اقتنعنا بما تقوله تلك الحملات، ومن ذلك، أن الولاء والتبعية وأساس تصرفاتنا ومواقفنا هي العرق العربي، أو القومية العربية، وفكرة الوحدة العربية، الوردية الرومانسية الجميلة، كلنا نتوحد على أساس العروبة بغض النظر عن أدياننا وألواننا ولغاتنا وتراثنا وعاداتنا، عملت آلة الإعلام وآلة الحكام العرب الخونة، وعملت بجد واجتهاد، حتى اقتنع طيف عظيم من العرب بذلك، ثم بدا لعدوك أن الفكرة تحمل شيئا من الخطورة، وأنه من الممكن أن يأتي حاكم عربي مجنون ويفعلها أو يشعل فتيلها فيتحد العرب أو بعضهم، فرأوا أن يبدلوك بها ما فيه الخير لهم والهلاك لك، فقالوا لك: الوطنية، عليك بلدك، لا علاقة لك بغيره، ولا اهتمام بغيره، وغذّى الحكام والإعلام والفن هذه الفكرة، فقالوا لك شعار (بلدك أولا) مثل قولهم الأردن أولا، العراق أولا، مصر أولا، السعودية أولا.. إلخ
وقالت لك الأغنيات الجميلة المؤثرة، أننا نعيش ونموت من أجل بلادنا، من أجل التراب في مساحة جغرافية محددة رسمها عدوك في الحقيقة، وغنى الجميع (مثلا) نعيش لمصر، ونموت لمصر، تحيا مصر.
وغنى العرب في كل بلد بما يقارب هذا أو يزيد عليه، وأنت عندما تتنزل عليك الأجواء الروحانية في بعض (مواسمها) كرمضان مثلا، تقرأ قوله تعالى:
(قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
وتمر عنها .. عادي .. لأنك مقتنع أن القرآن هذا مجرد كلمات نقرأها لنأخذ (حسنات) وأن القرآن ليس له متسع للتنفيذ في حياتنا، كيف لا وآلة العلمانية تعمل في رأسك أنى اتجهتَ؟!
دع عنك ما سبق، ودعني أقول لك أنني يمكن أن أتفهم نجاح تلك الحملات لأن فيها فكرةً ما تنطلي على ضعيف الإيمان وكلنا كذلك إلا من رحم الله، ولكن أن يبلغ الأمر مؤخرا أن يقنعوك بالولاء للقارّة التي فيها بلدك؟ يا رجل!!! وبدأت تقتنع، هذه والله طامة، فهذا ولاء لا شيء فيه ينطلي حتى على طفل صغير سليم الفطرة.
إن الولاء للقارة، ومدّ الانتماء من البلد إلى القارة التي تحويه، ليس إلا توسيعا للحظيرة التي رسمها لك عدوك ووضع عليها حارسا، فتغنيت بحدود الحظيرة وجعلت الحارس إلها، وانتقدت من يتكلم في ظلم وقع في حظيرتك وحظائر مجاورة، فقلت له، ليس لنا علاقة بالحظائر الأخرى!
حتى في الرياضة، قسموا لك البطولات قاريا، وأنت تظن أنه شيء طبيعي، فكر قليلا، طبيعي لماذا؟ لن تجد شيئا إلا تبديل الولاء.
المهم أن نخترع لك كل حين ولاء جديدا، المهم ألا يكون ولاؤك لله ورسوله وللإسلام، لأنك عندها ستكون خطيرا..
والآن، ما المشكلة في أن تبدل دينك الذي لا تمارسه؟!