
البكاء على الاطلال
لطالما عرفنا الوقوف على الأطلال من أشعة القصائد العربية القديمة حيث وصفت هجرة البدو والرعيان من مكان لآخر مما جعل الشعراء يتغنون بأشواقهم للأهل والأوطان.
لكننا اليوم إن دققنا في أكثر أسباب انتشار الجهالة ودمار المستقبل لكثير من الشباب في المطلع الاول سنجد ” الوقوف على الأطلال” أو بمعنى آخر “التعلق بدروب الماضي” حيث يقف الفتية يناظرون ماضيهم بمآسيه وأفراحه يتذرعون بالعجز عن المضي قدماً نحو الأمام وقد زادت هذه الظاهرة مع زيادة الحروب والكوارث في العالم بشكل عام، في الحقيقة لا يمكن لأي منا أن يزيل ماضيه من سيرة حياته وهذا ليس بالوضع السيء لأن الإنسان لا يتجرد من ماضيه لكن السوء يمس وقوفنا على بلاطات الزمان نسند جدران هزائمنا.
وهذا الأمر لم يطل الشباب فقط بل طال الأهالي وهذا ما يسمى بوضوح المستقبل المظلم للأمة.
حيث زهدت ثلة من الأمهات بحياتهن وتركوا حث أولادهم على طلب العلم والمعرفة وجلسن يتبادلن الهموم التي لا فائدة منها لا الآن ولا بعد مئة سنة أخرى كذلك بعض الآباء الذين حاربوا أهداف أولادهم بعد ما خلفته الحرب من دمار للمدارس وتوقف التعليم لعدم قدرتهم على تخطي عتبة منازلهم ولا الانتقال لبعد مئة متر من حيهم، وقد أوضح الإسلام أن من أسباب دنو الهمة “التعلق بفوارغ الزمن” وفي علم النفس ذكر أن التعلق أحد العوائق النفسية التي تؤثر على انتاج الفرد وقدرته على العيش والإعطاء، نهايةً كثير منا لم يغلق أبواب الماضي بعد بل ومنا من بدأ يدفن نفسه في زوايا الذكريات القاتمة وهذا دليل واضح على حال الأمة بعد مدة زمنية إن لم نحارب ماضينا بأنفسنا وبنينا سوراً بيننا وبينه.