أشعلت وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني، في سبتمبر الماضي، موجة جديدة من الاحتجاجات ضد النظام الإيراني المستبد، وتفجرت الاحتجاجات لتطول أغلب المدن الإيرانية، وبات طلاب الجامعات أكثر حرصا من غيرهم على إسقاط النظام الغاشم الذي يستخدم القمع والترهيب باسم الدين.
«الأمة» حاورت الكاتب الصحفي إسلام المنسي، الباحث في الشأن الإيراني، لمعرفة آخر تطورات الحراك الثوري وما آلت إليه الأوضاع في البلاد التي تقع تحت قبضة الحرس الثوري الإيراني الذي تجاوزت سلطاته السياسية ولاية الفقيه.. وإلى نص الحوار:-
• بداية.. كيف ترى الحراك الثوري الإيراني.. ومن يقوده؟
•• الحراك الثوري الإيراني ليس له قائد لأنه يأتي في إطار الثورة الشعبية التي تعبر عن مطالب الجماهير الإيرانية التي تسخط على أداء النظام الإيراني منذ سنوات، وتعد هذه الموجة الاحتجاجية هي الأحدث ضمن موجات أخرى بدأت في ديسمبر 2017، ومستمرة حتى الآن بسبب الأوضاع الاقتصادية ثم تطورت المطالب إلى مطالب سياسية بالتدريج حتى أصبح أغلب الإيرانيون يرفضون بقاء النظام.
•هل بات المجتمع الإيراني أكثر إصرارا على التغيير من أي وقت مضى؟
•• بالتأكيد الشعب الإيراني بات أكثر إصرارا على التغيير من أي وقت مضى لعدم قدرة النظام على تلبية مطالبه أو عدم إرادته لفعل ذلك، خاصة أنه نظام أيديولوجي لا يهتم إلا بمتابعة الأهداف الثورية وتصدير الثورة دون الاهتمام بالقيام بالأعباء المفروضة عليه كنظام حاكم.
•لماذا يصمت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية عن قتل المئات واعتقل الآلاف من الإيرانيين؟
•• في رأيي أن المجتمع الدولي لا يتعامل حتى الآن على قدر الحدث الإيراني.. نعم هناك بعض ردود الأفعال لكنها لا تزال خجولة وأقل مما يجب أن تكون، وهذا راجع بالفعل لمصالح الدول الكبرى التي تحرك ما يسمى بالمجتمع الدولي وتراعي مصالحها وتعتبرها فوق أي اعتبار.
• هل يساند المنتخب الإيراني الاحتجاجات خاصة بعد رفضه ترديد النشيد الوطني في كأس العالم؟
•• المنتخب الإيراني منقسم بشأن تأييد الاحتجاجات وقائد الفريق أعلن دعمه وتأييده لأسر قتلى الاحتجاجات، وأكثر من عضو في الفريق أعلن عكس هذا الموقف، لكن فريق قرة القدم وبعض الفرق الأخرى كاليد والسلة أعلنوا تأييدهم للاحتجاجات خاصة بعد توسعها لتشمل أغلب المناطق الإيرانية.
•هناك مخاوف من سرقة الثورة الإيرانية كما حدث في ثورات الربيع العربي.. ما رأيك؟
•• بالتأكيد هناك مخاوف من سرقة الثورة الإيرانية كما حدث عام 1979، فلم يكن الخميني وحده الذي يحرك كل الجماهير السائرة على النظام الملكي، لكنه استطاع بعد الوصول للسلطة قمع معارضيه وبعض المؤيدين الذين لم يسيروا بشكل أعمى خلف أطماعه وأوامره.. أيضا الآن هناك مخاوف من سرقة الثورة مرة أخرى من قبل النظام الحالي كما حدث في ثورات الربيع العربي.
•البعض يزعم وجود تربيطات مشابهة بين مجاهدي خلق والغرب؟ ما تعليقك؟
•• مجاهدي خلق من الجهات المعارضة ولديها عداوة مستحكمة مع النظام وهي بالفعل مدعومة من الغرب بشكل علني، وهذه المعلومات كلها أصبحت علانية، ولكن ليست مجاهدي خلق وحدها التي تقود الحراك الثوري، بل هذا الحراك الشعبي لا يوجد له قائد وإنما تحركه بشكل كبير أخطاء النظام الإيراني.
•ما هي رسائل النظام من إغلاق الأضرحة الدينية؟
•• النظام يريد تخويف الداخل الإيراني وإرهابه، والإيحاء بأن هذه التظاهرات تتبع مليشيات مدعومة من الخارج وأنها أيضا ستوفر البيئة الخصبة للإرهاب، وبالتالي يتم إحداث حالة من الفرقة بين المتظاهرين وتحجيم بؤرة الحراك الثوري.
•هل تعتقد أن الإيرانيون قادرون على إسقاط الحكومة دون ظهير دولي؟
•• بالطبع الإيرانيون قادرون على إسقاط الحكومة لكنهم بحاجة إلى دعم دولي،
خاصة أن هذا النظام القمعي يحصل على دعم إقليمي كبير من قبل المليشيات المسلحة،
ولذلك أرى أن المتظاهرون بحاجة ماسة إلى مزيد من الدعم الدولي والتغطيات الصحفية الأجنبية من أجل مقاومة هذا النظام الفاشي الذي يمارس القمع باسم الدين.
•التّفجيرات والاعتقالات المتكررة.. هل ترهب المتظاهرين أم تفضح النظام؟
•• سيدي الكريم.. المتابع للاحتجاجات يعلم جيدا أن مسلسل التفجيرات والاعتقالات لم تعد ترهب المتظاهرين بل بالعكس أعطى لها مبررات كبيرة للاستمرار.
•بعد أكثر من شهرين على الحراك.. كيف ترى توسع المتظاهرين على الأرض؟
•• لا شك أن التظاهرات تمر بفترات مد وجزر كبيرة، ولكن أربعينيات القتلى باتت تلهب الاحتجاجات من جديد في شعوب وأقاليم كثيرة،
فحينما تسيل كل هذه الدماء فهذا يوحد كافة الشعب الإيراني ضد آلة القمع التي تحركها السلطات الأمنية للبلاد.
• أسلوب الفوضى الذي يتبعه نظام الملالي لتقويض الاحتجاجات. هل يؤتي ثماره؟
•• أسلوب الفوضى والقمع الذي يتبعه النظام لتقويض الاحتجاجات لم يؤتي ثماره مطلقا،
خاصة أنه لا يوجد قائد للاحتجاجت ربما باعتقاله يتم تشتيت المتظاهرين،
بالعكس الحراك الثوري الآن لا يرضى بأقل من رحيل النظام مطلبا وسيبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق ذلك.
•إلى أي مدى استفاد نظام الملالي من شعارات «الموت لإسرائيل وأمريكا» الزائفة؟
هناك مصالح متبادلة بين أمريكا وإسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى، واللعب على وتر العداوة بينهما لم يعد مجدي الآن،
لكن ما يحدث بينهما في تصوري أقرب إلى حالة التنافس الإقليمي وليس عداء مستحكم بين الطرفين.
•كيف تقرأ إضراب طلاب الجامعات.. وإلى أي مدى يفاقم الضغط على نظام الملالي؟
•• إضراب طلاب الجامعات يذكرنا بمرحلة إزالة الشاة الإيراني ومرحلة الثورة الإيرانية في السبعينيات ويعطي زخما كبيرًا للاحتجاجات،
ويجعلها أكثر مصداقية لكونها لا تنتمي لفئة معينة بل هي ثورة شبابية يقودها شباب الجامعات.
•ختاما.. ما السيناريو المتوقع لتلك الاحتجاجات ؟
•• في الحقيقة لا يمكن التكهن بسيناريو محدد للحراك الإيراني، لكن إذا استمرت وتيرة التظاهرات كما هي الآن وتزايد الدعم الدولي،
بالتأكيد سيتم إسقاط هذا النظام الفاشي، لكن هناك أيضا مخاوف من تكرار السيناريو السوري،
كأن يتم عسكرة الانتفاضة وقمعها بالقوة العسكرية وهذا سيشكل خطرًا كبيرًا على المنطقة بأكملها وهو ما لا يتمناه الإيرانيون.