على غرار كثير من القطاعات والمؤسسات التي استخدمت حلولا مبتكرة لتجاوز ما فرضته جائحة كورونا من تحديات، لا يبدو أن مجال النشر والتوزيع يستثني نفسه من حلول العالم الافتراضي، ليتمكن من تجاوز حالة الركود الاستثنائية في سوق الكتاب، ويواصل رفد الجمهور بآخر الإصدارات، بعد توقف جميع معارض الكتاب التقليدية حول العالم.
وشكلت فكرة المعرض الرقمي أحد الحلول النوعية، حيث يرتقب تنظيم الدورة الرقمية الأولى لمعرض الكتاب العربي بأوروبا في أغسطس المقبل، بين دار لوسيل للنشر والتوزيع القطرية وشركة نوردك ديجيتال وورلد السويدية، وبشراكة مع معرض كوبنهاغن الدولي للكتاب العربي، وعدد من المؤسسات الثقافية في أوروبا.
ويأتي تنظيم هذا المعرض الرقمي، الذي سيستمر على مدى أسبوعين، ثمرة تعاون بين المؤسستين المعنيتين بنشر الثقافة والكتب العربية في العالم، في ظل الظروف غير المسبوقة التي تعاني منها معارض الكتاب العربي التقليدية، وإلغاء جميع معارض الكتاب حول العالم أو تأجيلها.
وإذا كانت معارض الكتاب التقليدية إحدى أبرز المناسبات لترويج إنتاجات دور النشر العربية وتحقيق عوائد مالية تعزز حضورها في سوق النشر، إلا أنها اليوم تجد في مثل هذا المعرض الرقمي الموجه لأوروبا متنفسا من حالة التوقف الاضطراري، لتقليل خسائر نالت من كافة عناصر طباعة الكتاب وتوزيعه.
وقد سبق لشركة نوردك ديجيتال وورلد ودار لوسيل للنشر والتوزيع -التي تملك منصة إلكترونية لتوزيع الكتب الورقية والرقمية حول العالم- أن وقعتا على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب العربي 2020 مذكرة تعاون في مجالات النشر والتوزيع الورقي والرقمي، وإنشاء معارض الكتاب العربية في أوروبا وغيرها.
وإن كانت السوق الأوروبية محدودة بالنسبة لترويج الكتاب العربي، إلا أن تجارب المعارض التقليدية السابقة أظهرت تفاؤلا لدى دور النشر العربية بانتعاش حركة الكتاب وترويجه مستقبلا بشكل أكبر في أوروبا، غير أن هذه التجربة الأولى للمعرض الرقمي قد تكشف عن تحديات جديدة ترتبط بالعرض وحجم التسويق.
فكرة مبتكرة
ولقيت فكرة المعرض استحسان وتجاوب عدد من دور النشر الأجنبية والعربية، حيث تحمست كثير من دور النشر لحجز فضائها الافتراضي في المعرض، من السويد وألمانيا والنمسا والنرويج وكندا وتركيا والولايات المتحدة، ومن دول الشرق الأوسط أكدت حوالي 37 دار نشر عربية مشاركتها خاصة من لبنان وسوريا والكويت والعراق والأردن وغيرها، وسيقدم المعرض حوالي 20 ألف عنوان لأكثر من 200 دار نشر.
وتركز فكرة المعرض على الاستفادة من الفضاء الرقمي للتعريف بالكتب ودور النشر، حيث سيتم طلب الكتب عبر المنصات الرقمية في أوروبا والمنطقة العربية، مع توفير إدارة المعرض خدمة الشحن المجاني للكتب لجميع العناوين وبأسعار منافسة في أوروبا.
كما سيرافق المعرض برنامج ثقافي مميز، يشارك فيه ثلة من الأدباء والكتاب والمفكرين العرب عبر القاعات الافتراضية، وستعقد سلسلة من المحاضرات والندوات الفكرية والأدبية والندوات التخصصية المعنية بالطفل واللغة العربية في أوروبا، وسيشكل البرنامج الثقافي للمعرض نقلة نوعية من حيث تنوع الضيوف والشركات الثقافية الممتدة بين الشرق الأوسط وأوروبا.
المصدر : الجزيرة