- المستشار أحمد سليمان يكتب: كلمتي لحكام العرب - الجمعة _21 _مايو _2021AH 21-5-2021AD
- السعودية ومساهمتها في تحقيق أهداف الصهاينة - الأحد _28 _أكتوبر _2018AH 28-10-2018AD
- المستشار أحمد سليمان يكتب: الرسالة الثانية لساركوزى ورفاقه - الأحد _6 _مايو _2018AH 6-5-2018AD
لقد نشرتم مقالا بجريدة الأهرام بتاريخ 13 / 10 / 2017 بعنوان فى مصر قضاء أعلنت فيه أن يوم 11 / 10 / 2017 كان يوما سعيدا بالنسبة لك محملا بمشاعر الأمل بعد طول انتظار، ذلك اليوم الذى هتفت فيه معًتزا ومقدًرا قضاء مصر العريق والعظيم الذى قضت فيه محكمة النقض بنقض الحكم الصادر ضد الشاب أحمد دومة أبن الثانية والثلاثين من عمره بالسجن المؤبد والذى أصدره القاضى ناجى شحاته، وقد قضت المحكمة بإعادة محاكمته أمام دائرة أخرى، ثم مضيت تقول أنه قد كنت بصفتك رئيسا للجنة العفو التى شكًلها السيسى تتابع مليا قضية الشاب أحمد دومة، وأنه قد هالك أن يحاكم فى معهد أمناء الشرطة فى قفص زجاجى وفى ظل إجراءات أمنية مشدًدة، فضلا عما ذكرته زوجته لك من أنه محبوس فى زنزانة انفرادية، وأضفت أن هذا حكم رائع ومشرًف وأنه ذكًرك بقول تشرشل إذا كان القضاء بخير فإن بريطانيا بخير.
ودعنى فى البداية أسألك هل كانت متابعتك قاصرة على قضية الشاب أحمد دومة أم شملت مئات القضايا التى عصف فيها القضاء بحقوق المتهمين، وأهدر معايير العدالة وأصول التقاضى.
وواضح من حديثك عن شكوى السيدة حرم أحمد دومة أن شكواه قاصرة على وضعه فى زنزانة انفرادية، فلم تشك من تفتيش مهين، أو إهمال رعايته طبيا، أو منع الأدوية والطعام عنه، أو منعه من التريض، أو حرمانه من الزيارة، أو تعرضه للتعذيب كما يحدث مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مثل البلتاجى وغيره الأمر الذى يضطرهم للإضراب عن الطعام بالكلية احتجاجا على معاملات قاسية ولا آدمية.
ويعنينى فى البداية التأكيد على أننى أدافع باستماتة عن حق كل متهم أيا كانت جريمته أو انتماؤه أو عقيدته أو جنسيته ولو كان صهيونيا فى أن يحاكم أمام قاضيه الطبيعى العادل والمستقل الذى لايميل مع أى حاكم أيا كان انتماؤه، فلا تشكًل لمحاكمته دائرة معيًنة يتم اختيارها لهذا الغرض ومع حق كل متهم فى أن تجرى محاكمته بالإجراءات العادية وحدها، وأن تكفل له كل وسائل الدفاع كاملة دون إخلال ولا انتقاص.
وهذا الذى أقوله هو مايجب أن يكون عليه كل قاض، وهذه العقيدة مصدرها الحق تبارك وتعالى الذى قال (ياأيها الذين آمنوا كونوا قوًامين لله شهداء بالقسط ولايجرمنًكم شنآن قوم على ألاتعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) والشنآن هو البغض والعداوة، وقوله تعالى (وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى) وقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوًامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين، إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا، وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا)
ولاشك أن العدل فريضة إسلامية، والفزع من الظلم والطغيان وإهدار الحقوق شعور فطرى فطر الله الناس عليه، يشعر به كل إنسان مازالت لدية بقية من فطرة، ومن ثم فإن فزعك يا دكتور من المظالم التى حاقت بأحمد دومة – ونحن نشاركك هذه المشاعر ونندًد معكم بهذه المظالم – سواء لمحاكمته فى معهد أمناء الشرطة، أو حبسه فى قفص زجاجى، أو حبسه فى زنزانة انفرادية هو شعور إنسانى نبيل تحمد عليه.
ولكن ما لا تحمد عليه هو سكوتك عن نفس المظالم وقد حاقت بآلاف المتهمين الآخرين مثل ما حاقت بأحمد دومة بل وأشد منها، ولماذا سكوتك عن تلك المظالم التى حاقت بمصر كلها من أقصاها إلى أقصاها، فهل كان سكوتك عن المطالبة بحق هؤلاء المتهمين والتنديد بالمظالم التى حاقت بهم هو انتماؤهم للتيار الإسلامي، أم لسبب آخر.
وسواء كان السبب هو هذا السبب أو ذاك ، أو ليس لهم كافة الحقوق التى لغيرهم، أو ليسوا مصريين، ألا يخضعون لنفس القانون، أنا لا أحسبك ممن يرون الكيل بمكيالين وأن العدل وضماناته حق لفريق دون آخر.
أولا تعلم يا دكتور أسامة أن الرئيس محمد مرسى وقيادات الإخوان المسلمين وغيرهم من معارضى النظام القائم يحاكمون فى ذات المؤسسات الشرطية وفى نفس الأقفاص الزجاجية.
أو لا تعلم يا دكتور أسامة أن مصر لم تعرف طوال تاريخها القضائى هذه الأقفاص الزجاجية حتى وهى تحت الاحتلال البريطانى أو الفرنسى أو اليونانى، وأن هذه البدعة لم تكن إلا لحجب صوت الرئيس محمد مرسى وقيادات الإخوان المسلمين عن الرأى العام، وقد أعدت خصيصا لهذا الغرض.
لقد تمت محاكمة مبارك وأفراد عصابته من اللصوص الذين نهبوا مصر وأكثروا فيها الفساد فى أقفاص عادية وهذا حقهم يتابعون من خلالها المحاكمة ويتواصلون مع دفاعهم ويسمعون مايقوله الشهود فى حقهم، ويوجًهون لهم مايعنً لهم من أسئلة يرونها سبيلا لكشف الحقيقة أو لتبرئتهم، كما تمت محاكمة المتهمين باغتيال السادات سواء أمام القضاء العادى أو المحكمة العسكرية فى أقفاص عادية، بل وحتى محاكمة الجواسيس مثل مصراتى وعودة ترابين وعزام عزام وهبة سليم وشريف الفيلالى وغيرهم وتمت محاكمتهم فى أقفاص عادية.
ألم تسمع شكاوى أهالى المئات من المتهمين عن سوء المعاملة، والتفتيش المهين للسيدات والذى يصل إلى حد انتهاك الأعراض وكذلك الحرمان من العلاج والمتابعة الطبية والمنع من الزيارة ومنع دخول الطعام والأدوية والمنع من التريض.
هل تعلم عدد الذين قضوا فى السجون نتيجة حرمانهم من حقهم القانونى والإنساني فى العلاج، أو التعنت معهم فيه مثل الشيخ مهدى عاكف والدكتور طارق الغنام والدكتور فريد إسماعيل والدكتور عصام دربالة وعبد الرحمن لطفى وغيرهم العشرات.
ألم تعلم بأن الرئيس مرسى والعشرات من قيادات الإخوان يعيشون فى زنازين انفرادية منذ اعتقالهم، وبعضها ليست إلا أقبية تحت الأرض.
ألم تعلم أن الرئيس مرسى ظل محروما من زيارة أسرته له لمدة أربع سنوات، بل ومحروما من الالتقاء بدفاعه خلافا للقواعد المسماة بالقانون والدستور، وهو مالم يشك منه أحمد دومة أو السيدة حرمه.
لقد جمعت إدارة السجن بين مبارك وولديه علاء وجمال لجمع شمل الأسرة، ولكنهم حرموا الرئيس مرسى من رؤية أبنه أسامة فهل هذا هو مفهوم نظامك للعدالة.
ألم تعلم أن وزير الغلابة النبيل الدكتور باسم عودة محبوسا فى زنزانة انفرادية أيضا منذ أربع سنوات، بل وممنوعة زيارة أهله له منذ عام كامل، ومثله وغيره كثيرون
هل تعرف أن هناك فتيات يتم اغتصابهن فى السجون ويطلبن من أهلهن إمدادهن بأقراص لمنع الحمل، يفعلن فى بناتنا مافعله النصارى فى نسائنا فى البوسنة والهرسك، ومايفعله البوذيون فى نسائنا فى بورما.
ربما لم تقرأ رسالة عائشة خيرت الشاطر عن الإهانة والمهانة التى يتعرض لها السيدات فى التفتيش للزيارة أو دخول المحكمة، لأن الرسالة من أبنة خيرت الشاطر أبنة التيار الإسلامى الذين يرى نظامك ألا حق لهم فى العدالة والالتزام معهم بأحكام القانون، فماذا ترى أنت.
ألم تقرأ رسالة السيدة حرم المجاهد أبن المجاهد الأستاذ مجدى أحمد حسين التى نشرها صلاح منتصر فى الأهرام حيث تكتب بتاريخ 6 / 8 / 2017 والتهم الملفقة المسندة إليه وحرمانه من المثول أمام المحكمة ، والأمراض التى يعانى منها وهو على مشارف السبعين وليس شابا فتيا قادرا على التحمل مثل أحمد دومة، لقد تم تركيب دعامتين له بالقلب وأصيب أثناء سجنه بالتهاب القزحية الذى يهدده بفقد البصر، ولكن نظامك لا يحمى المخلصين من أبناء مصر، ولكنه يحمى الصعاليك واللصوص والعاهرين والعاهرات وحتى من يقتلهن.
هل قرأت رسالة السيدة حرم الدكتور عصام الحداد أبن الرابعة والستين المسجون فى قبو تحت الأرض منذ أربع سنوات وأصيب بأزمة قلبية فى أكتوبر 2016 وتم الكشف عليه فى سبتمبر 2017 وتبين أنه اصيب بتضخم بالجانب الأيسر من عضلة القلب، وقصور بالشريان التاجى ويحتاج لعمل قسطرة للقلب وتركيب دعامة عاجلة بهذا الشريان، أم أن مثل هؤلاء لايدخلون فى دائرة اهتمامك.
هل هالك وأفزعك ما تضمنته رسالة السيدة حرم الدكتور أحمد عارف مستشار الرئيس محمد مرسى عما يلاقيه هو والعديد من المسجونين من سوء المعاملة وإهدار الحقوق.
دعنى أسألك يا دكتور أسامة هل هالك وأفزعك أن تستغرق المحكمة فى نظر قضيتن متهم فيهما ما يزيد على 1200 متهم نحو الساعتين فى كل منها ومصادرة حق الدفاع للمتهمين ثم الحكم بإعدام المئات منهم بناء على محاضر التحريات كما حدث فى قضيتى اقتحام مركزى شرطة مطاى والعدوة بالمنيا.، أم أنك لم تتابع سوى قضية أحمد دومة.
هل هالك وأفزعك أن يحكم القاضى ناجى شحاته بإعدام 183 متهما فى قضية كرداسة، وعند إعادة محاكمة 156 منهم بعد نقض الحكم تقضى المحكمة بإعدام 20 متهما فقط فينجو من الإعدام 136 متهما، وتقضى المحكمة ببراءة 21 متهما ممن كان محكوما بإعدامهم، فهل ترى الأمر عاديا، أم أنه مثير للفزع والخوف والقلق على القضاء وعلى مصر وليس فقط على مصير المتهمين الذين يمثلون أمام هؤلاء القضاة الذين اختارهم نظامك لمحاكمتهم والكثير منهم ليس فوق مستوى الشبهات، ولكن النظام يحتاجهم لمثل هذه المهام الدنيئة للخلاص من خصومهم فيحافظ عليهم، فناجى شحاته مثلا تم تقديم شكاوى ضده تتهمه بتزوير انتخابات مجلس الشعب عام 2005 وتم ندب قاض للتحقيق فى الواقعة وظل الملف مفتوحا ولم يغلق إلا قبيل اختياره لرئاسة دائرة الإرهاب.
هل هالك وأفزعك توجيه اتهامات لأناس كانوا مختفين قسريا وقت وقوع الجريمة المسند إليهم ارتكابها وهم كثر، وعلى سبيل المثال فقط اتهام الدكتور محمد على بشر بالشروع فى قتل النائب العام المساعد بينما كان مسجونا قبلها بنحو عام أو يزيد.
هل هالك وأفزعك قتل ركاب الميكروباص الخمسة بزعم أنهم قتلة ريجينى، وتبين أنها أكذوبة لإغلاق الملف الذى مازال مفتوحا.
هل هالك وأفزعك قتل الدكتور محمد كمال وصديقه ياسر شحاتة بعد القبض عليهما ونشر خبر القبض عليهما بنحو ساعتين.
هل هالك وأفزعك أنباء قتل العشرات من شباب ورجال مصر وربما المئات فى شتى ربوع الوطن ثم يقال لنا أنهم إرهابيون قتلوا فى تبادل لإطلاق النار مع الشرطة التى لا يصيب أحدهم جرحا من طلقة مرًت إلى جوار ساعده.
هل هالك وأفزعك دعوات إعلام نظامك وشيوخه مثل اضرب فى المليان، وأنا عاوز دم وجثث، وإعلان الموافقة والتحريض على قتل أى شخص مادامت الداخلية تراه إرهابيا.
هل هالك وأفزعك شراء السيسى 3 طيارات لاستخدامها فى سفره بمبلغ يعادل مايزيد على خمسة مليارات من الجنيهات فى بلد فقيرة قوى.
هل أفزعك موافقة برلمان عبد العال على كل القوانين التى أصدرها عدلى منصور والسيسى دون مناقشة كلمة منها.
هل هالك وأفزعك إغراق مصر بالديون فيما لاعائد منه على الشعب المصرى حتى بلغ الدين الخارجي فقط نحو 80 مليار دولار.
هل هالك وأفزعك التوقيع على اتفاقية سد النهضة التى تضمنت موافقة السيسى على بناء السد وهاهى مصر تتعرض بعد هذه الموافقة لكارثة الفقر المائى.
هل هالك وأفزعك مناقشة مجلس على عبد العال اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية والصادر فيها حكم بات ببطلان التوقيع عليها والمتضمنة التنازل عن جزء من أرض الوطن وهو محظور طبقا للدستور.
هل هالك وأفزعك تسليم مصر جزيرتى تيران وصناقير المصريتين للسعودية والتى تحقق فائدة للصهاينة فقط.
أم أنه لم يفزعك إلا مثول أحمد دومة خلف قفص زجاجى فى محاكمته التى جرت فى معهد أمناء الشرطة وحبسه فى زنزانة إنفرادية هى أفضل فى جميع الأحوال من القبو الذى يحبس فيه الدكتور عصام الحداد مثلا، ويتمتع بحق التريض والزيارة والأدوية المحروم منها الرئيس مرسى والدكتور باسم عودة والدكتور البلتاجى ومجدى أحمد حسين والدكتور عصام العريان وغيرهم المئات وربما الآلاف.
يا دكتور أسامة قل كلمة حق تشفع لك عند ربك فى حق كل من أهدرت حقوقه، ولفًقت له الاتهامات، وزوًرت عنه التحريات، وتمت محاكمته فى أقفاص زجاجية وفى قاعات تنتفى فيها شروط علنية المحاكمة، وأهدرت حقوق دفاعه من قضاة تم اختيارهم بأشخاصهم لأداء هذه المهمة، وصدرت بحقه أحكاما انتقامية.
يا دكتور أسامة لا يجرمنًك شنآن قوم على ألا تعدل.. اعدلوا هو أقرب للتقوى.