- السلطة بين الرؤية والخطة! - الأثنين _17 _فبراير _2020AH 17-2-2020AD
- المجد واللعنات - الثلاثاء _31 _ديسمبر _2019AH 31-12-2019AD
- تلخيص ما لا يلخص - السبت _28 _ديسمبر _2019AH 28-12-2019AD
واضح أن السلطة الجزائرية لا تملك أي رؤية لجزائر الغد عدا المسار القديم الذي يعتبر الجزائر بلدا إفريقيا ما بعد كولونيالي Postcolonial State يشتغل تحت مظلة المحتل القديم ويتقاسم معه قراره السياسي ويشاركه ثقافته وثرواته الاقتصادية لقاء حماية جزئية من محتلين الآخرين ففي العالم المعاصر إما أن تكون مستعمرا أو مستعمرا وليس من سبيل ثالث.
ولذلك فإن الهدف الأول والأمنية الكبيرة للسلطة الفعلية الآن هي تهدئة الأوضاع والعودة إلى المسار القديم الذي تحكمه ثلاثية الانتداب الكولونيالي وغياب الحريات والوصاية على الشعب.
السلطة لا تريد أبدا أن تقع في “خطأ” ما بعد أكتوبر 88 حين راهنت على ديمقراطية حقيقية على أساس أن هذه الديمقراطية ستعفو على جريمة باب الواد وتمكن الشعب من التنفيس عن مكنوناته دون أن تصل به الأمور إلى تغيير النظام.
فلما تغير النظام فعلا بعد أكتوبر 88 وجدت السلطة نفسها “مجبرة” أن تقتل ربع مليون جزائري من أجل إعادة الأمور إلى المسار القديم (وحين نقول إن السلطة هي التي قتلت ربع مليون جزائري فإننا نعني ما نقول لان سياستها الحمقاء هي التي فتحت نهر الدم كما تفتح اليد حنفية الماء ولو شاءت لما حصل كل ذلك، كان بوتفليقة قبل أن يصير رئيسا يحزن حين تخفت المجازر كما أخبرنا أحد أصدقائه المقربين ويقول لهم: ça va reprendre et ils vont faire appel à moi !).
وحين عادت الأمور الى المسار القديم بعد العشرية السوداء كانت الجزائر أضعف وأضعف، والرقابة الشعبية على الشأن الحكومي أقل وأقل، وكان حزب فرنسا قد تمكن من كل مفاصل الدولة فأحكم المحتل القديم سيطرته على كل شيء.
كانت النخبة الحاكمة في سكرة نشوة النصر على الإرهاب/الشعب/الإسلام السياسي فانتقلت إلى السرعة القصوى في تعميق ثلاثية المسار القديم على أساس أنها غدت متحكمة بالمطلق في الشعب ونخبه ومنظماته وهو ما كانت تفخر به أمام الهيئات الدولية و لدى السفارات الغربية وتبدي – بكل غرور – استعدادها لتسويق ” خبراتها ” في محاربة الإرهاب لمن يطلب ذلك!
فأصبح مسار ثلاثية الاحتلال والشمولية والوصاية على الشعب أكثر عمقا وتجذرا وازداد الخنق الكامل للحريات والحقوق والقضاء على كل القوى الحية في الشعب كالأسرة الثورية التي تحولت إلى خليط من المرتشين والمجاهدين المزيفين والمجتمع المدني والأحزاب السياسية وغيرها وانتقلت الدولة من محاربة الإرهاب إلى محاربة الأصولية de la guerre contre le terrorisme à la guerre contre le radicalisme، بمعنى محاربة الإسلام الثقافي ومحاصرة اللغة العربية حتى وصل الأمر في السنوات الأخيرة إلى درجة لا تكاد تصدق لولا أنها وقعت حقا فأصبح الاحتلال ظاهرا للعيان وغدت محاربة الإسلام عملية حثيثة سريعة وأصبح النهب بملايير الدولارات بدل الملايين وبآلاف الهكتارات بدل العشرات!