- القايد.. توفيق.. زيتوت.. تساؤلات؟! - الخميس _25 _أبريل _2019AH 25-4-2019AD
- الحراك الجزائري.. وأطروحات جربوعة! - الخميس _18 _أبريل _2019AH 18-4-2019AD
- الحراك الجزائري.. وزيتوت والجيش! - الثلاثاء _16 _أبريل _2019AH 16-4-2019AD
قبل الحراك لم أكن أعرف جربوعة إلا كشاعر.. وعرفته بقصيدته عن آل سعود والتي أعجبت بها أيما إعجاب.. ثم قرأت للرجل كثيرا من المقالات السياسية منذ بداية الحراك.. فوجدته صاحب بيان.. وليس غريبا فهو الشاعر.. اتفقت مع عدد من تحليلاته.. ولكن مثله مثل زيتوت.. لمست شططا وإيغالا في الخطاب الذي يفرق ولا يجمع ويعمل إلى إرسال رسائل تنويمية لمتابعيه، ويريد من متابعي حسابه أن يكونوا مجرد أتباع بلا عقل ولا بصيرة..
لا أريد أن أخوض في شخص الرجل وتقلباته وماضيه وطموحاته.. فهذه أمور تخصه.. ولكن ما يهمني حاضر الرجل من خلال ما يكتب ويوجه به متتبعي صفحته وهم كثر.
منذ فترة بدأت تصلني رسائل على الخاص أو تعليقات يسألني أصحابها عن رأيي في ما يكتبه جربوعة.. وها أنا أقدم رأيي:
يرتكز خطاب جربوعة على نقطتين أساسيتين:
النقطة الأولى،
هي ضرورة الوثوق في القيادة الحالية للجيش ثقة عمياء فهي التي ستصل بنا إلى شاطئ النجاة.
والنقطة الثانية،
الحرب على الدولة العميقة واختزالها في المشروع البربري واستعمال خطاب يشحن فئة من الشعب ضد فئة أخرى.
بخصوص النقطة الأولى؛
هنا نجد أنفسنا أمام خطاب معاكس تماما لخطاب الأخ العربي زيتوت.. فهنا نحن مدعوون أن نسلم رقابنا للجيش وقيادته.. وأن نقبل بكل ما يطرحونه.. وبالضبط خريطة الطريق الحالية.. لأن البديل حسب السيد جربوعة هو أن تعود منظومة توفيق ونترحم على أيام بن غبريط.. ولهذا على الحراك أن يتوقف.
طبعا التبريرات والمسوغات التي يقدمها السيد جربوعة تقوم على فكرة بسيطة.. وهي البناء على المعطيات الصحيحة والوقائع التي يقبلها العقل ثم بعدها تحدث القفزة التي لا تعدو كونها جملا إنشائية واستعمال خطاب يخاطب عاطفة فئة من الجزائريين شعرت بهجمة شرسة على مقومات هويتها ولغتها ودينها.. ولكنها أبعد ما يكون عن المبررات المنطقية والسياسية.. بل تكاد توحي إلى المتتبع أنه لا يفهم ولا يعقل وما عليه إلا أن يتبع ويصمت.. لأنه أمام مشروع مخابراتي مؤامراتي عظيم.
أما النقطة الثانية
وهي خطاب أن البديل لعدم قبول السير وراء القيادة الحالية للجيش هو عودة دولة توفيق ومنظومتها.. وهنا يتم أيضا استعمال فكرة تبدو منطقية وحقيقة سياسية.. وهي وجود الدولة العميقة بمالها وإدارتها وإعلامها ونفوذها شبه المسيطر على كل مفاصل الدولة واقتصادها.. للتأسيس لخطاب كراهية ضد فئة من الشعب الجزائري واختزال كل شيء في خطاب كراهية أو عنصرية مقيتة صادرة من مجموعة بصرف النظر عن حجمها، وهذا انطلاقا من منطق عرقي عصبي معاكس.. منطق العربي ضد غير العربي تقريبا.. من دون مراعاة لتعقيد المشهد وضبابية الرؤيا لدى كثير من الشباب الذي وقعوا ضحية لسياسات دامت لعقود، وأصبح من المستحيل مخاطبتها بلغة معاكسة تماما بقدر ما يحتاج الأمر إلى مناظرة بالحجة وحوار ولغة الاحتواء وتفكيك الحواجز النفسية مع العقلاء.
أخيرا.. أقول لجربوعة وأنصاره.. إننا ما رفعنا أقلامنا، قبل الحراك وبعده، إلا دفاعا عن حريتنا ولغتنا وديننا وانتمائنا الحضاري وعن جزائر مستقلة ذات سيادة حقيقية، يعيش فيها جميع الجزائريين مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.. وإن معركتنا هذه ستستمر فيها، وسنرفض أي خطاب سياسي ينطلق من منطلق عرقي، عربي أو بربري أو أمازيغي.. أو يحاول أن يقزم هويتنا أو يفرض علينا قراءة خرافية للتاريخ..
كما أنه لا المنطق ولا العقل (الذي ينكره السيد جربوعة ويجعله حكرًا عليه تقريبا) يقبل أن نقبل بإملاءات قيادات الجيش ونجعل منهم منقذي الجزائر وقادة تحولها الديمقراطي، وجميعنا يعلم الدور الكارثي الذي لعبته جيوشا عربية كثيرة.. وكذلك الجيش الجزائري في التسعينات.. ولكننا في نفس الوقت لا نزال نأمل أن يلعب الجيش الجزائري هذه المرة دورا وطنيا ويوظف قوة إكراهه بما يخدم مصلحة الشعب والجزائر.. فهناك متسع لفعل الكثير.. ولكن شخصيا لا استبعد حسب تجارب سابقة أن تسلك قيادات الجيش في نهاية المطاف مسلكا معاكسا لإرادة أغلب الشعب وتصطف مع من يبدون اليوم في حالة خصام مع الجيش.. لأن التاريخ علمنا أن مهاجمة دوائر غربية أو أطرافا سياسية لقيادات الجيش أو غيرها من القيادات السياسية ليس دليلا أنهم البديل الأفضل أو أنهم كما نتصور.. فعبد الناصر هاجمته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.. وكان وبالا على الشعب المصري وعلى الأمة الإسلامية.. والأسد في سوريا.. إلخ.
ملاحظة: لا يحق لمن يدافع عن من رفعوا أعلامًا غير العلم الوطني في الحراك أو في مكان آخر، أو الذين رفعوا صورًا لشخصيات تمثل رموزًا للعنصرية.. أو اختزلوا الهوية الجزائرية اختزالا عنصريا مريضا، أقول لا يحق لهم أن ينتقدوا خطاب جربوعة أبدا، فهو مجرد خطاب أشبه بردة الفعل المعاكسة من طرف من لا يملكون لا قنوات تلفزيونية ولا وجرائد ولا منابر إعلامية.. وهنا أدعو من يتقنون الفرنسية أن يقرؤوا مقالا مطولا نشر في جريدة الوطن تحت عنوان
Du système, du peuple et de l’algerianite
ليقفوا على حجم العنصرية والإقصاء والمشاريع التقسيمية الخبيثة التي يتم الترويج لها في هذه المرحلة الحساسة.
أخيرًا أقول لإخوتي الجزائريين جميعا وخاصة المعجبين بطرح جربوعة ما قاله نصر بن سيار:
أرى تحت الرماد وميض جمر *** ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تُذكى *** وإن الحرب مبدؤها كلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم *** يكون وقودها جثث وهام