◄ ليبيا عمق استراتيجي لتونس ودورنا مطلوب في حل الأزمة
◄ التونسيون مروا بفترة من الاستبداد جعلتهم خارج اللعبة السياسية
حذّر رئيس حزب «جبهة الإصلاح» رشيد الترخاني من «تسييس» المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس إثر السماح لعناصرهما بالمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة، كما عبر عن تأييده للدور الذي تقوم به بلاده لحل الأزمة المستمرة في ليبيا والتي قال إنها تؤثر سلبا على دول الجوار.
واعتبر، من جهة أخرى، أن قيام دولة أو «كيان كردي» في شمال سوريا والعراق سيساهم في تفتيت دول المنطقة، مشيرا إلى أن الحل يكمن في الاعتراف بالأقليات الدينية والإثنية ومنح بعضها حكما ذاتيا، كما فسّر نجاح التجربة التركية على الصعيد السياسي والاقتصادي بالوعي السياسي المتطور لدى الشعب التركي والذي اعتبر أنه غير موجود لدى التونسيين الذين تم تغييبهم لعقود عن المشهد السياسي، لكنه أكد أن هذا الأمر بدأ يتغير بشكل إيجابي مؤخرا نتيجة الانفتاح الكبير الذي تحقق بعد الثورة.
■ ما رأيكم في تجارب حكم العسكر؟
■■ جميع الدول جربت إشراك العسكريين والأمنيين في الانتخابات اكتشفت فشل هذه التجربة، وآخرها إيطاليا التي تراجعت عن هذه الخطوة كليا، كما أن قيادات وأعوان (عناصر) الأمن يؤثرون كثيرا في توجيه الرأي العام، كما أن الوضع في تونس لم يستقر بعد كي نشرك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات، وأنا ككثير من رؤساء الأحزاب أبديت تخوفي من هذا القرار.
وحبذا لو يقتصر دور المؤسستين العسكرية والأمنية في تونس على حفظ الأمن وحماية البلاد، فالمؤسسة العسكرية مثلا تدخلت في عدد من الأحداث في تونس في مناسبات عدة، فعلى سبيل المثال كان لديها دور في قمع المظاهرات خلال ثورة الخبز (1984)، فلذلك نحن نخشى أن يكون قرار إشراك العسكريين والأمنيين يهدف إلى دفعهم للتصويت لحزب سياسي معين، كما أن السماح لهم بالمشاركة في الانتخابات يساهم في نشوء تيارات ذات توجهات معينة (سياسية) داخل المؤسستين العسكرية والأمنية وقد يخلق ذلك نوعا من التفرقة داخل هاتين المؤسستين».
■ المبادرة التونسية لحل الأزمة الليبية.. ماذا قدمت؟
■■ ليبيا عمق استراتيجي لتونس والدور التونسي لحل الأزمة فيها مطلوب ونحن نؤيد الخطوات التي سار فيها كثير من السياسيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية وحركة النهضة في سبيل تقريب وجهات النظر بين الفرقاء في ليبيا، فكل تطور باتجاه اقتتال داخلي في ليبيا يؤثر سلبا على الوضع في تونس ودول الجوار، ولذلك نحن نؤيد الجهود الساعية لحل الأزمة الليبية ، ونبارك كل الخطوات التي تقرب وجهات النظر في ليبيا ونتأمل أن تستقر الحالة هناك ويتجنب الليبيون الاقتتال الداخلي، ولكننا نتحفّظ على الدور المصري باعتباره مشبوها وربما يعمق الأزمة».
■ حول الوضع في العراق، التقيتم بوزراء سابقين في حكومة إقليم «كردستان العراق»، فماذا دار في اللقاء؟
■■ تحدثنا عن إمكانية قيام كيان كردي في المنطقة، والأخوة الأكراد كانت لديهم رغبة في عدم الاستقلال عن العراق، وموقفهم واضح في هذا المجال ولكنهم أكدوا وجود أطراف، من بينها إيران، تدفعهم لإعلان الاستقلال من أجل تقسيم العراق على أساس طائفي وإثني، وأعتقد أن إقليم كردستان حقق قفزة نوعية من حيث الاستقرار وهامش الحرية السياسية وغيرها.
ربما تكون هناك رغبة لدى بعض الأطراف الكردية لإقامة دولة أو كيان كردي يضم أكراد سوريا والعراق، وهي رغبة تاريخية نتفهمها ولكنها لا تخدم شعوب المنطقة العربية، ولذلك نحن نرفض قيام كيانات مستقلة في هذه المنطقة على أساس طائفي وإثني، فقيام دولة كردية يساهم في تفتيت دول المنطقة وتحويلها إلى دويلات صغيرة، كما أنه يهدد أمن عدد من الدول المجاورة كتركيا مثلا.
■ لماذا نجحت التجربة السياسية والاقتصادية في تركيا وفشلت في العالم العربي؟
■■ التجربة التركية لديها عدد من المفاتيح للنجاح، من بينها القبول بالآخر فالشعب التركي يتميز بالانسجام رغم وجود الكثير من القوميات والاختلاف داخله وهو شعب يحب العمل وقد حقق قفزة اقتصادية كبيرة، كما أنه خلال العملية الانقلابية الفاشلة خرج يدافع عن الشرعية، لأن لديه وعيا كبيرا بخطورة الانقلابات العسكرية التي لم تأت سوى بالدمار لتركيا، حتى بعض أحزاب المعارضة التي تعادي حزب العدالة والتنمية الحاكم أعلنت تأييدها للحكم المدني ورفض الانقلاب العسكري.
فالشعب التركي يختلف كليا عن الشعب التونسي، فالتونسيون مروا بفترة من الاستبداد والقمع جعلتهم خارج اللعبة السياسية وهذا تسبب بجهل كبير في مراكز صنع القرار، ولكن أنا أستبشر بمستقبل أفضل لأن النقلة النوعية التي حدثت بعد الثورة جعلت التونسي يهتم أكثر بالشأن السياسي وهناك ثقافة ووعي سياسي جديد سيساهم قريبا في أن يصبح التونسي مالكا لزمام اللعبة، لأن التونسيين لديهم نقمة على السياسيين عموما بسبب ممارسات بعضهم وتجربة بعض الأحزاب في الحكم، وخاصة أن بعض السياسيين قلبوا الصراع السياسي إلى محاولة لانتهاك الأعراض وتشويه السمعة، فعندما تراقب الحوارات التلفزيونية تشعر أن هناك سقوطا أخلاقيا كبيرا في المشهد السياسي، وخير دليل على ذلك الحملة التي يقودها بعض رموز نظام بن علي ضد الرئيس السابق الدكتور منصف المرزقي.