قدم المقال الذي خطاه الإعلامي المصري عماد الدين أديب بعنوان “من يعوض مصر عن الفاتورة المؤلمة للحرب الروسية الأوكرانية” ابرز أدلة علي المأزق الشديد التي تعانيه مصر خصوصا علي الصعيد الاقتصادي حيث تواجه البلاد أزمة غير مسبوقة وبل توشك معها علي إعلان الإفلاس ناهيك عن تضخم وتراجع صادم في مستويات معيشة المصريين بحسب إعلاميين ومراقبين اقتصاديين مقربين من النظام رغم محاولاتهم تجميل الامر وإظهاره في سياق عالمي متأزم بشكل بدأ عن النظام شبهة الفشل في إدارة كافة الملفات خلال السنوات العشر الماضية .
: المقال الذي خطه أديب المعروف بقربه الشديد من الأجهزة الأمنية المصرية ومن دوائر خليجية نافذة واجه تجاهلا إعلاميا شديدا حيث لم ينشر إلا في موقع محدود الانتشار ولم يحظ الا باهتمام إعلامي الا من شقيقه الاصغر عمرو أديب الذي يعد من أبرز مناصري النظام علي احدي الفضائيات العربية مثل دعوة لدول الخليج العربي لضرورة التدخل لإنقاذ مصر
الدولارات الطازجة
أديب خاطب في مقاله بلدان الخليج الغربي لدعم النظام المصري عبر ضخ مليارات مما أسماها “الدولارات الطازجة” لإنعاش الاقتصاد المصري المتأزم باعتبار ان سقوط الدولة في مصر يمثل خطرا علي الجميع لاسيما ان دعوة التدخل الخليجي لدعم مصر صدرت مشفوعة بإشراف جهات دولية حتي لا يتذرع الخليجيون بأنهم قدموا من قبل ما يقرب من ٨٠مليار دولار دون أن تنجح في اقالة الاقتصاد المصري من عثراته عقب سقوط حكم الاخوان في مصر عام ٢٠١٣
دعوة أديب لدول الخليج للتدخل الاقتصاد المصري صدرت مشفوعة كذلك بتحذيرات لعديد من دول الجوار الاقليمي والمتوسطي بهجرات مصرية غير مشروعة من قبل قطاعات مصرية عديدة حيث تحدث عن موجات مصرية تخرج الي ليبيا والسودان وفلسطين ويقصد إسرائيل طبعا والدول الأوروبية والخليجية وكأنه يقصد توصيل رسالة مفادها أن البديل لدعم النظام المصري الحالي فوضي غير مسبوقة في مصر سيدفع الجميع ثمنا باهظا لها بشكل يجبر هذه الدول علي تقديم يد العون للنظام المصري لاسيما ان الكيان الصهيوني سيدفع هو الأخر فاتورة الفوضي المتوقعة في مصر.

: بقدر ما كشفت دعوة أديب المقرب بشدة من اجهزة رفيعة المستوي في مصر عن انهيار الاوضاع الاقتصادية في مصر بقدر ما كشفت عن الخيارات الصفرية للنظام الحاكم الذي أهدر بحسب مراقبين اكثر من ١٠٠مليار دولار علي مشروعات افتخارية وعاصمة إدارية جديدة لا تشكل اولوية بالنسبة الاغلبية الفقيرة من الشعب المصري .
وتؤكد دعوات الدعم الخليجي لمصر كذلك أن النظام المصري لم يعد لديه خيار الإ الرهان علي مخاوف دول الخليج وبلدان الاتحاد الاوربي من تبعات الفوضي فقط وامكانية عودة التيار الاسلامي الي المشهد فضلا عن موجات الهجرة الي اوروبا لدفعهم دفعا لتقديم دعم وفير للنظام المصري يتجاوز عشرات المليار من الدولارات عله ينقذ سفينة النظام الغارقة
تحذيرات أديب من الفوضي وعودة أجواء ٢٥يناير في مصر ومساعيه من عودة التيار الاسلامي للمشهد وسيناريو تصدير الثورة لبلدان الخليج قد يغري بلدان الخليج مجددا بعودة فتح خزائنها للنظام المصري مجددا لكنه لن يكون دعما مفتوحا وبلا ثمن كما كان في السابق بل سيرتبط بالسيطرة علي أصول مصرية والهيمنة علي الهيئات الاقتصادية الرابحة وتصاعد النفوذ الخليجي في القرار السياسي المصري
الاقتصاد المصري وخيارات صفرية
: تحذيرات عماد الدين أديب من الفوضي ومحاولة استجدائه للدعم الاقتصادي الخليجي لمصر تزامنت مع دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لدول الخليج لتحويل ودائعها في البنك المركزي المصري الي استثمارات وهو ما اعتبره مراقبون مناشدة لدول الخليج للتنازل عن هذه المليارات لدعم الاقتصاد المصري المتداعي بشكل يكشف عن عمق هذه الازمة وصعوبة خوض النظام جولة جديدة من المفاوضات مع صندوق النقد والبنك الدوليين لاسيما ان ثمن وصفات الجهات المانحة لن يستطيع النظام دفعه علي وقع اضطرابات شعبية واجتماعية لن يكون بمقدور احد ايقافها اذ اشتعلت جذوتها
: ولعل المملح الاهم لمقال أديب ومناشدة السيسي لدول الخليج لتقديم دعم سخي لمصر تتمثل في خاوه من اي دعوة جادة للإصلاح السياسي وهي الوصفة الأسهل لإخراج مصر من أزمتها المستمرة منذ عام ٢٠١٣ ولكن هذه الوصفة تختلف جملة وتفصيلا عن النهج المهيمن للنظام علي المشهد السياسي والاقتصادي والأمني وغياب اي قدر من الحريات والتداول السلمي للسلطة او حتي الاعتراف بالمعارضة جزءا من النظام.

ليس هنا شك عن مسئولية هذا النهج عن ضياع حوالي ٨٠ملياردولار من المنح الخليجية و٢٠مليار اخري من قروض صندوق النقد ضخت في عروق دون أن تحرك ساكنا في الاقتصاد المتداعي بفعل سياسات اقتصادية غير رشيدة عمقت ازمة الوطن وصعبت من مساعي اي حل مستقبلي وجعلت ثمنه شديد الصعوبة خصوصا علي الاجيال القادمة في ظل ارتفاع فاتورة الديون الخارجية من ٤٨مليارا عام ٢٠١٣ الي١٤٠مليار دولار امريكي حاليا