استباحة الأقصى لا تمر.. المقاومة الفلسطينية تضرب في تل أبيب

نفّذ مقاومان فلسطينيان عملية فدائية أدت إلى مقتل أربعة صهاينة وإصابة أربعة آخرين بجروح خطيرة.

عملية تُظهر نجاعة رهان المقاومة على جهود القدس والضفة والداخل المحتلّ في مواجهة مخطّط الاحتلال الهادف إلى تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً،

وهو ما ظهر بوضوح في تبنّي حركة «حماس» للعملية، واعتبارها إيّاها تطبيقاً عملياً لما حذّرت منه فصائل غزة من أن «الأقصى خطّ أحمر».

وإذ يبدو واضحاً أن المقاومة لا تستعجل الحرب في القطاع، فهي تعتبر أن أيّ ردّ على ما يجري في القدس لا ينبغي أن يكون «تقليدياً وانفعالياً، بل منسجماً مع سياق الهَبّة الفلسطينية المستمرّة»

تمشيط محيط مدينة «إلعاد»

تواصل قوات كبيرة من جيش وشرطة ومخابرات الاحتلال الصهيوني عمليات تمشيط واسعة النطاق في محيط مدينة إلعاد (شرق مدينة تل أبيب)

بحثا عن مهاجميْن نفذا مساء أمس الخميس عملية أوقعت 3 قتلى على الأقل و4 جرحى،

تزامنا مع إحياء الكيان الصهيوني ذكرى تأسيسه على أراضي فلسطين أو ما تسميه «يوم الاستقلال»، حسب ما أفاد به مسعفون.

وقالت منظمة الإسعاف الطبي «نجمة داود الحمراء» في الكيان الصهيوني إن 3 من الجرحى حالتهم حرجة.

ورجحت وسائل إعلام صهيونية أن يكون منفذا هجوم إلعاد من سكان الضفة الغربية.

في حين طالبت بلدية إلعاد السكان بالتزام منازلهم وإغلاق الأبواب.

وتوعد رئيس الحكومة الصهيونية نفتالي بينيت باعتقال من وصفهم «بالمخربين والمؤيدين لهم»، وأنهم «سيدفعون الثمن».

جاء ذلك في ختام مشاورات أمنية قال فيها «خرج أعداؤنا للقيام بحملة قتل لليهود أينما كانوا، وسنجعل الإرهابيين والبيئة الداعمة لهم يدفعون الثمن».

وأضاف بينيت «أعداؤنا انطلقوا في حملة قتل ضد اليهود أينما كانوا وهدفهم كسر روحنا وسيفشلون».

غانيتس يتوعد؟!

من جانبه، توعد وزير الدفاع الصهيوني بيني غانتس منفذي العمليات والمحرضين عليها «بدفع ثمن باهظ»، حسب تعبيره،

وأعلن غانتس تمديد الإغلاق في الضفة الغربية وغزة حتى الأحد المقبل.

وقال وزير الأمن الداخلي الصهيوني عومير بارليف إن «إسرائيل» تكبدت ثمنا باهظا وقاسيا جدا الليلة،

ولفت إلى أن الشرطة والشباك والجيش يطاردون من وصفهم «بالمخربين» منفذي عملية إلعاد وسيقبضون عليهم أحياء أو أمواتا، على حد تعبيره.

وقال وزير الخارجية الصهيوني يائير لبيد إن «فرحة عيد الاستقلال انقطعت في لحظة»، مندّدا بـ«هجوم دموي في إلعاد».

ودعا عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير سلاح الجو الصهيوني إلى قصف بيت رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار بالصواريخ لأنه المحرض على الهجوم، على حد زعمه.

بلينكن يدين!

ودان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن «بشدة» ما وصفه بالهجوم «المروّع» الذي أسفر عن مقتل 3 أشخاص وسط الكيان الصهيوني ، وفقا لبيان صادر عن وزارة الخارجية،

مبينا أن الهجوم كان «شنيعا خصوصا في وقت كانت فيه (إسرائيل) تحتفل بذكرى تأسيسها»، وأكد أن الولايات المتحدة تقف «بحزم» إلى جانب حلفائها الإسرائيليين.

تفاصيل الهجوم

ويأتي هذا الهجوم الأخير بعد سلسلة هجمات مماثلة شهدتها الكيان الصهيوني في الأسابيع الأخيرة شنّها فلسطينيون أو عرب من داخل الخط الأخضر.

وقال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية إنه لم يتم القبض على منفذي هجوم إلعاد حتى الآن،

وأنه تم نشر قوات وإقامة حواجز مع استمرار التمشيط بمشاركة مروحيات وطائرات تعقب بحثا عنهما وعن سيارة فرت من موقع الهجوم.

والأغلبية العظمى من سكان إلعاد ينتمون إلى طائفة الحريديم اليهودية المتطرفة.

وكانت بني براك (مدينة أغلب سكانها من الحريديم وتقع -مثل إلعاد- في ضواحي مدينة تل أبيب الساحلية) هدفا لهجوم مماثل في مارس الماضي.

وأوردت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية -عبر موقعها الإلكتروني- أن شخصا قام بهجوم تضمن إطلاق نار واستعمال فأس في بلدة إلعاد، أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

يسأل why? والاجابة لكل فعل #إلعاد للرد عليه، هكذا هي المعادلة التي يجب أن يفهمها المحتلين pic.twitter.com/AvczeYc5Ks

— سلامة معروف salamamaroof (@salama1977) May 5, 2022

أما صحيفة هآرتس فنقلت عن الشرطة الصهيونية أن مهاجمين وصلا إلى مواقع عدة في حديقة ببلدة إلعاد وبحوزتهما سلاح ناري وفأس.

وقالت إذاعة الجيش الصهيوني إنه تتم مطاردة مشتبه فيه بتنفيذ الهجوم في إلعاد، ويبدو أنه استخدم فأسا في هجومه، في حين بثت وسائل إعلام صهيونية صورا أولية من مكان العملية.

كما أفادت إذاعة الجيش الصهيوني بأن وزير الدفاع أمر باستخدام كل القوات اللازمة لمنع هروب محتمل للمنفذين إلى الضفة الغربية.

ومنذ 22 مارس الماضي شهدت الكيان الصهيوني سلسلة هجمات أسفرت عن سقوط 15 قتيلا، ولا تشمل هذه الحصيلة من سقطوا جراء هجوم مساء أمس الخميس.

مواقف فلسطينية

وفي ردود الفعل الفلسطينية، دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس مقتل مدنيين إسرائيليين في هجوم إلعاد في تل أبيب،

وأشار إلى أن قتل المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين يؤدي إلى مزيد من تدهور الأوضاع،

وحذر عباس من استغلال هذا «الحادث المدان» للقيام باعتداءات ورد فعل على الشعب الفلسطيني من المستوطنين.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية إن

«تهديدات العدو باغتيال القادة لن تثنينا عن الدفاع عن أرضنا وقدسنا وحقنا في العودة وتحرير أسرانا».

وذلك ردا على تهديدات بن غفير بالدعوة لقصف بيت السنوار.

كما أكد هنية أن الشعب الفلسطيني لن يقف صامتا

«كلما تواصل استهداف مقدساتنا وأقصانا والاستهانة بشعبنا ومشاعر أمتنا»،

 مشددا على أن المسجد الأقصى خط أحمر لا يخضع لأي مساومات ولا يقبل القسمة.

ورحّب المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حازم قاسم بما وصفها بـ«العملية الفدائية» شرق تل أبيب.

ورأى قاسم أن العملية -وفق تغريدة على تويتر- جزء من «غضب جماهير شعبنا ضد الاحتلال ومستوطنيه بسبب العدوان المستمر على المسجد الأقصى»، وفق تعبيره.

وأضاف أن هذه العملية «تطبيق عملي بأن المقدسات خط أحمر، وأن شعبنا لن يتهاون مع العدوان عليها، وأنه سيدافع عنها بكل ما يملك ومهما بلغت التضحيات».

عملية فد.ائية شرق مدينة "تل أبيب" ، هي جزء من غضب جماهير شعبنا ضد الاحتلال ومستوطنيه، بسبب عدوانه المستمر على المسجد الأقصى المبارك.

هذه العملية تطبيق عملي بأن المقدسات خط أحمر ، وأن شعبنا لن يتهاون مع العدوان عليها، وأنه سيدافع عنها بكل ما يملك ومهما بلغت التضحيات

— حازم قاسم (@hazemaq) May 5, 2022

ورأت حركة حماس أن عملية إلعاد نتيجة «لتصعيد الاحتلال إرهابه ضد الشعب الفلسطيني ومقدساته الإسلامية والمسيحية»،

وأضافت الحركة -في بيان لها- أن الشعب الفلسطيني سيبقى مدافعا عن نفسه وحقوقه الوطنية المشروعة حتى زوال الاحتلال.

من جانبها، قالت حركة الجهاد الإسلامي إن عملية إلعاد «انتصار للأقصى بعد تجاوز جيش الاحتلال والمستوطنين الخطوط الحمراء»، وفق تعبيرها.

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فوصفت عملية إلعاد بالفدائية،

موضحة أنها تعبير عن «رد شعبنا ومقاوميه على اقتحامات الأقصى ومحاولات تهويد القدس».

وقالت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين -في بيان لها- إن «عملية إلعاد البطولية» رد على اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى ونصر لأهالي القدس،

كما دعت الجبهة إلى الاشتباك والمواجهة الشاملة مع قوات الاحتلال ومستوطنيه بكل الأساليب النضالية.

اقتحام الأقصى

وجاء الهجوم بعدما شهدت باحات المسجد الأقصى اقتحامات جديدة للمستوطنين صباح أمس الخميس،

وذكرت مصادر طبية فلسطينية أن 12 فلسطينيا أُصيبوا نتيجة اعتداءات قوات الاحتلال عليهم أثناء محاولة تصديهم لمستوطنين اقتحموا باحات الأقصى من باب المغاربة،

تحت حماية قوات الاحتلال، كما أكدت وسائل إعلام فلسطينية اعتقال قوات الاحتلال نحو 50 شابًا فلسطينيا من باحات الأقصى.

ما يحدث في باحات المسجد الأقصى من تصدي المرابطين والمرابطات، بطولة حقيقية عظيمة تفشل مخططات الاحتلال.

الذعر والارتباك الذي تعيشه المؤسسات الصهيونية والمستوطنين المتطرفين، دليل على فشلهم معركة الإرادة مع شعبنا ومقاومته.

المسجد الأقصى كان وسيبقى إسلامياً عربياً فلسطينياً

— حازم قاسم (@hazemaq) May 5, 2022

ويأتي ذلك بالتزامن مع دعوة ما تسمى منظمة «الهيكل» الصهيونية المتطرفة (بيدينو) إلى اقتحام باحات الأقصى للاحتفال بما سمته «يوم الاستقلال 74» لإسرائيل.

ردود فعل فلسطينية واسعة

وأثار اقتحام المستوطنين الجديد للمسجد الأقصى وما تلاه من اعتداءات لشرطة الاحتلال على المرابطين واعتقال العشرات منهم؛

ردود فعل فلسطينية واسعة حمّلت الحكومة الصهيونية مسؤولية عودة التصعيد،

ودعت لتوحيد الجهود لإفشال مخططات الجماعات اليهودية المتطرفة لفرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك.

في غضون ذلك، دانت الخارجية القطرية بشدة اقتحام المستوطنين باحات المسجد الأقصى المبارك،

واقتحام قوات الاحتلال للمصلى القبلي؛ وحذرت -في بيان- من المحاولات الإسرائيلية الممنهجة لتغيير الوضع الديني والتاريخي للمسجد الأقصى.

كما حمّلت الخارجية القطرية سلطات الاحتلال وحدها مسؤولية العنف الناتج عن الاقتحام المتكرر للأقصى وما سينتج عنه،

وعن الاستخفاف بمشاعر المسلمين حول العالم من عنف،

وحثت المجتمع الدولي على التحرك العاجل لوقف الاعتداءات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني.

وجددت الوزارة موقف دولة قطر الثابت من عدالة القضية الفلسطينية،

والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967.

من جهتها، استنكرت الخارجية الكويتية سماح سلطة الاحتلال الصهيوني للمتطرفين باقتحام الأقصى تحت حماية قواتها،

وحذرت الخارجية الكويتية من مغبة استمرار هذه الانتهاكات التي عدّتها انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ومدعاة للعنف وتهديدا للأمن.

كما طالبت مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته للجم تلك الانتهاكات،

وإلزام الاحتلال بوقف اعتداءاته على الشعب الفلسطيني ومقدساته، وفق وصف البيان.

رئيس الكنيست الإسرائيلي ميكي ليفي: فرحة الاستقلال انقلبت إلى يوم فظيع وحزين وهذا يعكس ثمن العيش في هذه البلاد" #فلسطين #عملية_تل_ابيب #العاد #القدس #المسجد_الأقصى pic.twitter.com/ZkUqgne1KO

— محمد النجار (@mnajjar76) May 5, 2022