وهذا هو الموقف الذي رغم أن ظاهره ربما يعكس حالة من التضامن الإيراني مع قطر والقطريين في الأزمة الجارية، إلا أن المتابع للشأن الإيراني يدرك أنه لا يعدو عن كونه أسلوب إيراني لكيفية استغلال الأزمة وتحقيق أكبر قدر من الاستفادة من ورائها.
وثمة نقطتين بارزتين في هذه المسألة أولهما يتعلق بأن كل من إيران وقطر يدركان أن علاقتهما الوطيدة كانت أحد الأسباب وراء قرار المقاطعة، وهو الأمر الذي دفع إيران بحماس شديد لكي تؤكده وكأنها تريد أن ترسخ للخلاف الخليجي مع قطر، وثانيهما أنها أفضل فرصة لإحداث استقطاب جديد في المنطقة، فتكون قطر ضمن المحور الإيراني مستغلة في ذلك القطيعة الخليجية لقطر، وهي القطيعة التي بكل تأكيد ستشعر قادة قطر والقطريين بحالة غبن من أشقائهم، ما سيدفع بقطر إلى الارتماء في أحضان إيران حتى لا تستشعر أنها في عزلة إقليمية، فضلا عن ضمان بقاء أطراف تقدم لها يد العون والمساعدة.
وليس مستبعدا على الإطلاق أن تسرع قطر من وتيرة دعم علاقتها بإيران، بل إنها حتى وفي حال إتمام مصالحة خليجية مع قطر سيبقى راسخا في أذهان قطر والقطريين أن إيران لم تتخل عنها في محنتها، ومن ثم ستبقى العلاقات القطرية الإيرانية إستراتيجية من الدرجة الأولى، حتى ولو بدا المشهد في ظاهره بخلاف ذلك، إذا ما تم تقديم تنازلات قطرية لإتمام المصالحة المحتملة تنفيذا للشروط الخليجية، وهو ما يدفع إلى ضرورة أن تتحرك الأطراف المعنية باحتواء الموقف وإعادة قطر إلى الحضن الخليجي، والبحث عن آليات للتوصل إلى أرضية مشتركة ترضي مختلف الأطراف وتحقق أكبر قدر من المصلحة العربية.