إيران تخفف عزلتها الإقليمية بعقد اتفاقية مع السعودية

أجرت الجزيرة الإنجليزية تحليلا عن تبعات الاتفاقية السعودية – الإيرانية، موضحة أنها خطوة نحو إخراج إيران من عزلتها الإقليمية.

 

منذ أن أصبح رئيسا لإيران، وعد إبراهيم رئيسي بتحسين علاقات طهران مع جيرانها.

 

اتفاق الأسبوع الماضي مع السعودية لاستعادة العلاقات الدبلوماسية، الذي تم توقيعه في بكين، هو دليل أكثر واقعية على تلك المحاولات التي تؤتي ثمارها، بعد عودة الدفء في العلاقات مع الكويت والإمارات.

 

ونظرا لأن إيران تعمل على تخفيف عزلتها الإقليمية، دون أن تضطر إيران إلى تغيير أي من ركائز سياستها الخارجية، فهو ما ينظر إليه على أنه نجاح في طهران.

 

ومن المرجح أن يُنظر إلى الاتفاقية بأنها ستقوض الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للضغط على إيران وعزلها.

 

قالت كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد نيو لاينز للاستراتيجيات والسياسات لقناة الجزيرة، إنه في حين أن إيران لا تزال تخضع لعقوبات أمريكية شديدة، ومعزولة عن معظم أوروبا بسبب دعمها لروسيا في الحرب في أوكرانيا، لا يزال من الممكن القول إن الاتفاقية بين الرياض وطهران هي “خطوة نحو الاتجاه الصحيح”.

 

ورد أن المملكة العربية السعودية تلقت بعض الضمانات من إيران، مثل الالتزام بعدم تشجيع المتمردين الحوثيين في اليمن على شن هجمات عبر الحدود ضد المملكة.

 

ومع ذلك، ستواصل السعودية، إلى جانب دول إقليمية أخرى مثل الإمارات والبحرين، اعتبار إيران تهديدًا.

 

قال جوردون جراي، السفير الأمريكي السابق في تونس: “من الصعب تصور إنهاء إيران دعمها لحزب الله في لبنان أو الرئيس السوري بشار الأسد في سوريا، وستسعى إيران دائمًا إلى عراق خاضع لها”.

 

وقالت روز إن دعم طهران للجماعات المسلحة المختلفة في الدول العربية من غير المرجح “معالجته بشكل فوري وجاد في مناقشات التطبيع الفورية”. “لم تبدأ الرياض بأي حال من الأحوال فجأة في رؤية العلاقات مع إيران من خلال نظارات وردية اللون ولا تزال تشارك العديد من نفس المخاوف التي تثيرها أمريكا بشأن الموقف الإقليمي الإيراني وبرنامجها النووي”.

 

ويشعر بعض المحللين بالتفاؤل حيال التقدم المحرز في اليمن في ظل الصفقة السعودية الإيرانية.

 

ومع ذلك، لا ينبغي الافتراض أن الانفراج بين الرياض وطهران سيؤدي إلى نهاية سريعة للصراع في اليمن، مع عوامل أخرى مهمة يجب أخذها في الاعتبار.

 

أولاً، لا تستطيع طهران بمفردها دفع الحوثيين نحو التصرف بطرق من شأنها تهدئة المخاوف الأمنية السعودية.

 

قال جراي: “إعادة العلاقات الدبلوماسية يمكن أن تساعد السعودية على إخراج نفسها من الحرب في اليمن، لكن الحوثيين بالطبع لديهم أجندة خاصة بهم أيضًا”.

 

قد ينطوي ذلك على علاقة مستمرة مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يعمل بشكل مستقل عن الحكومة ويخضع مباشرة للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. ليس هناك ما يضمن عدم تعاون الحرس الثوري الإيراني والحوثيين بطرق تجعل السعودية تشعر بالتهديد.

 

كما تشمل مشاكل اليمن العديد من الأمور المنفصلة عن القضايا القائمة بين الحوثيين والسعودية.

 

هناك جهات فاعلة أخرى، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، والتي لا تتأثر كثيرًا (إن وجدت) من قبل السعودية أو إيران.

 

حتى الآن، يبقى أن نرى كيف سيقوم المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي بتعديل سلوكه، ردًا على الاتفاق السعودي الإيراني.

 

قال أعضاء في المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي اشتبك مع الحكومة اليمنية في الماضي، بالفعل إنه لن يخضع لاتفاق بين السعوديين والحوثيين بشأن أي مسائل تتعلق بجنوب اليمن.

 

ولبنان إحدى الدول الإقليمية التي لطالما شجبت فيها السعودية النفوذ الإيراني المستمد معظمه من خلال دعمها لحزب الله، الذي يعتبر أقوى قوة شبه عسكرية في العالم العربي.

 

لطالما اعتبرت السعودية وبعض دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى أن لبنان “خسر” أمام طهران لكون حزب الله هو الفاعل المهيمن على الأرض.

 

وأثر التنافس بين الرياض وطهران على لبنان بطرق أضرت بالمواطنين اللبنانيين، لا سيما اقتصاديًا.

 

في هذه المرحلة، من الصعب التكهن بكيفية انعكاس الاتفاق السعودي الإيراني على المشهد الداخلي اللبناني.

 

وقال رامي خوري، المدير المشارك لمجموعة “جلوبال أنجيشمنت” بالجامعة الأمريكية ببيروت، إن القوى المدعومة من إيران ومن السعودية في لبنان لن يستطيعوا أن يقفوا أمام الرغبة الواضحة من السعودية وإيران بأن يسيروا نحو بناء دولة طبيعية في لبنان، بدلا من الدمار الذي يعيش فيه اللبنانيون. 

 

إذا كان من الممكن أن تتحسن البيئة السياسية في لبنان بسبب هذا الانفراج الإقليمي، فإن مثل هذا التطور يمكن أن يبشر بالخير للاقتصاد اللبناني المنهك.

 

Translation is too long to be saved

يعتقد خوري أن هناك “فرصة لحدوث ذلك، وأنه إذا حدث ذلك، فسوف “يدفع بحدوث طفرة اقتصادية إقليمية كبيرة من نوع ما، أو على الأقل نمو سريع”.

 

ويضيف خوري أن هذا سيساعد الجميع، ولا سيما الناس في لبنان، وسيفتح الاتفاق المزيد من أسواق التصدير والعديد من الأشياء التي ستساعد اللبنانيين.

 

أضاف نيكولاس نوي، رئيس مؤسسة “أكستجنش”، إلى نبرة التفاؤل تلك، وتوقع أن الديناميكيات السياسية والجو لعقد الصفقات المحلية في لبنان “ستتحسن على الأرجح” إذا كان هناك تقدم حقيقي في العلاقات السعودية الإيرانية.

 

ويستدرك أن هذا المكسب الإيجابي الهامشي، حتى لو ساعد في تسهيل الوصول إلى حل وسط حول الفراغ الرئاسي، على سبيل المثال، لن يكون ببساطة كافياً لتحقيق أنواع الإصلاحات الهيكلية العميقة المطلوبة بشكل عاجل لمعالجة المشكلة الأكثر إلحاحًا في البلاد المتمثلة في الانهيار الاجتماعي والاقتصادي المستمر.

 

قد يكون لتحسين العلاقات بين الرياض وطهران أيضًا تداعيات كبيرة على سوريا، حيث دعمت السعودية وإيران أطرافًا متصارعة في حرب البلاد.

 

ومع ذلك، حتى قبل اتفاق الأسبوع الماضي بين الرياض وطهران ، بدأ عدد من الدول العربية، بما في ذلك السعودية، عملية إعادة دمج سوريا في الأمور الدبلوماسية للمنطقة، حيث تعمل الإمارات وسلطنة عمان على تسريع إعادة الأسد.

 

بعد اتفاقها مع إيران، قد تكون السعودية الآن أكثر قبولًا لإضفاء الطابع الرسمي على علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق.

 

قال آرون لوند، الزميل في سنشري إنترناشونال، لقناة الجزيرة إن من المرجح أن يكون أي تحسن في العلاقات السعودية الإيرانية بشرى سارة للأسد. فلا تزال المقاومة السعودية تشكل عقبة رئيسية أمام عودة عضوية سوريا في جامعة الدول العربية.

 

وقال لوند: “[الاتفاق السعودي الإيراني] يمكن مع ذلك أن يهيأ فرصًا لحكومة الأسد، وربما يرى السعوديون الاتفاقية فرصة لتسوية الملف السوري، على غرار ما حدث في أبو ظبي”. “ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن التطبيع الدبلوماسي مع نظام الأسد يواجه عقبات أيضًا بسبب حالة سوريا المنهارة، وسمعة الأسد السيئة، والمعارضة والعقوبات الأمريكية. هذه قضايا لن تحل باتباع نهج أقل عدائية من الرياض”.

 

واختتم تقرير الجزيرة بأن الاتفاقية الدبلوماسية بين الرياض وطهران لن تجفف على الفور جميع منابع التوتر في العلاقات الثنائية، ناهيك عن كل صراعات الشرق الأوسط، لكنها تهيأ المناخ للسعودية وإيران لمعالجة مشاكلهما بطرق يمكن أن تقلل بشكل كبير من فرص اندلاع حروب إقليمية جديدة في السنوات المقبلة.

 

وقالت تريتا بارسي، نائبة الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي: “تحسين العلاقات السعودية الإيرانية يعني أن كلا الجانبين سيطوران مصلحة مشتركة في ضمان عدم خروج التوترات في هذه النزاعات عن السيطرة، على الأقل”. “[وستكون هناك] مصلحة مشتركة في حل التوترات بفعالية”.