يبدو أنّ ماقاله السفير الإماراتي في واشنطن، بأنّ دول الخليج العربي ستتحول إلى العلمانية في غضون سنوات، نراه اليوم رأي العين، وهو يمشي ليس على استحياء، بل على تبجّح وخيلاء، فمن خلال مايدعى بمشروع نيوم، والذي تشرف عليه شركة ماكينزي ذات السوابق الفاشلة،في إطار مايسمى رؤية 2030.. والذي كلف السعودية خمسمائة مليار دولار، حتى يفتح لترامب وغيره من المستثمرين الأبواب، في شتى المجالات الإقتصادية، السياحية وحتى الثقافية، ولتتحول قبلة المسلمين إلى قبلة للأجانب المستثمرين، ولتُستبدل هيئة الأمر بالمعروف بهيئة الترفيه، وتتحقق الرؤية الإستراتيجية العظيمة للمملكة العربية السعودية، بتحولها إلى لاس فيغاس أمريكية، فالسقوط في كل منكر وحرام،هوما به تنهض بلاد الحرمين إلى الأمام،ولا بأس ببعض الكنائس هنا وهناك، فالأهم أن لايصيب عرش ولي العهد الهلاك،وليت القدس تكون عاصمة لإسرائيل، فباستقطاب كل ماهو دخيل عن هذا الدين، تصبح السعودية في النظام العالمي قطبًا من أهم الأقطاب.
فاختاروه أصغر عُمرًا، لأن مشاريعهم لايقبلها إلا من جاوز من العمر صِفرًا، واستغلّوا عيونه المنبهرة لهم،ورغبته الجامحة في الإنفتاح عليهم،فتكفَّلوا بما لايَكلِّفهم إلا رقيق القشور، دون أن يسمحوا إلى ضفتهم،حتى بحلم العبور.
يقول المفكر روجي غارودي:”نحن إحدا عشر في المائة من سكان العالم،ونستمتع بثمانين في المائة من العالَم”
فهي حقيقة النظام العالمي المستبد،الذي يترنّم بشعارات التعايش السلمي،وحقوق الإنسان الزائفة،وهو نظام قائم على ضعف المطلوب وقوة الطالب،الناهب،فنرى فيه عصارة العنصرية طافحة،و الإسلاموفوبيا أهم أدواته الرابحة،التي تُستهلك فيها السعودية وغيرها كأدرع لحروبه الساخنة،الوحشية.
فهذا مارك لووكوك مساعد الأمين العام لما يدعى بالأمم المتحدة للشؤون الإنسانية،وأمام مجلس الأمن الدولي يصرّح:” أنّ الأمم المتحدة تخسر الحرب ضد المجاعة في اليمن. وقال أيضا :”الوضع قاتم جدا في اليمن،ونحن نخسر حربنا ضد المجاعة،فالوضع تفاقم على نحو مثير للقلق … وأنه قد نقترب من نقطة اللاعودة التي سيكون بعدها مستحيلاً تجنُّب العديد من الخسائر في الأرواح البشرية بسبب المجاعة الواسعة النطاق في البلاد”.
فنحن كدول عربية من المغرب إلى المشرق،بما فيها السعودية،لسنا إلّا رقعة جغرافية،تُرقِّع بها الدول الكبرى أزماتها الداخلية والخارجية.
ونرفض كمسلمين رفضًا قاطعًا أن تستمر السعودية في مساعيها الوهمية،بما تمثله من ثقل عقدي في المنطقة العربية،بطمس أهم مافي هذا الدين من قيم ومقوّمات،تحت مسمى الهيئة الترفيهية،التي تريد أن تنشر بين الشعب السعودي المحافظ الفساد،فيتحول حاكمها من خادم للحرمين إلى هادم لهما،لالشئ إلا لتبدوا السعودية معاصرة،ولأمريكا واسرائيل مناصرة،فسحقًا لرضا أمريكا وإسرائيل في غضب الله ورسوله عليه الصلاة والسلام،فلا يُحفظ مُلكٌ بالإفساد في ملكِه،ولا يُرعى حَرمُه بانتهاك حُرماته.
فلا نفهم كيف تجمعون حناجر الباطل في مدائن صالح بالمدينة المنورة،لتصدح بجوار قبره عليه الصلاة والسلام؟وهو أشرف خلقه،الذي مانطق عن هوى،ولا إلى المنكرات يومًا قد هوى؟ومازاد من غيظ المسلمين ،أنهم لم يسمعوا حسيسًا لعلماء السلطان،أو همسًا من شيوخ الشيطان.
فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين،فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لايصيبكم ما أصابهم”.
وعن الرسول عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أنه قال:”المدينة حرم من عائر إلى ثور،من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا،فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلا”
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما مِن حَدِيثِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي اللهُ عنه:أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ:”مَن أراد أهلَ المَدِينَةَ بِسُوءٍ،أذابه اللهُ كما يذوب الملح في الماء”.
وقال القاضي عياض إنّ قوله عليه الصلاة والسلام:”مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةَ بِسُوءٍ،أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ..يُحتمل أن يكون المراد: لمن أرادها في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكّن سلطانه،ويذهبه عن قرب،كما انقضى من شأن من حاربها أيام بني أمية مثل مسلم بن عقبة،وهلاكه في منصرفه عنها،ثم هلاك يزيد بن معاوية على إثر ذلك،وغيرهم ممن صنع مثل صنيعهم.
قال الله عزوجل: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا، أن يقتلوا أو يصلبوا،أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، أو ينفوا من الأرض، ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم”.
يقول الكاتب فهد الحميزي :”إنّ الحاكم إذا اتّسعت الجفوة بينه وبين العلماء الربانيين،كان ذلك سبباً في شقائه، بل وشقاء الأمة المسلمة التي يتولاها، وهذا بالفعل ما كان حاصلاً عند هجوم المغول على الدولة الخوارزمية، حيث كان السلطان خوارزم شاه مُعرضاً عن نصح العلماء والتشاور معهم، بل إنّ الأمر عنده تعدى ذلك إلى التضييق على العلماء ووضع بعضهم تحت الإقامة الجبرية، ونفي البعض الآخر وتغريبه، فلمّا غزا المغول دولتهم أصبح المسلمون كالأيتام على موائد اللئام.”
فهكذا ينبغي أن يكون العلماء بين أيدي الأمراء،وإلا فلا نجاة لهذه الأمة إلا بهلاك، وأما من يدّعي كسر شأفة إيران، وهو يتعلق بتلابيب إسرائيل وأمريكا،فهو كمن اختاروه بين زعاف سُمّين،فأبى أن يذوق أحدهما،وتجرّع الآخر.
- بادية شكاط تكتب: لماذا نرجو فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية 2023؟ - الجمعة _26 _مايو _2023AH 26-5-2023AD
- بادية شكاط تكتب: كيف انتقلنا من أمة وسطا إلى أمة واسطة؟ - السبت _6 _مايو _2023AH 6-5-2023AD
- بادية شكاط تكتب: احتراق الهُوية في سبيل البحث عن الحرية - الأربعاء _8 _مارس _2023AH 8-3-2023AD