رجح المحلل السياسي العراقي ومؤسس مؤسسة قرطبة لحوار الثقافات د. أنس التكريتي احتمال قيام روسيا بتوسيع رقعة الحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا وامتدادها لعدد من دول الجوار الروسي أو تفجير الساحة في عدد من الدول العربية علي غرار سوريا وليبيا في محاولة لإرباك المشهد وخلط الأوراق لإجبار الغرب علي الرضوخ للمطالب الروسية.
ولم يستبعد في حوار له مع «جريدة الأمة الاليكترونية» أن تسهم الحرب الجارية حاليا في ميلاد عام متعدد الأقطاب يضم الغرب بقيادة أمريكا وروسيا والدول المتحالفة معها كقطب أخر فيما تبقي الصين قطبا مستقبلا لا هدف له علي تنفيذ خططه الإستراتيجية الساعية لإضعاف الغرب وكسر شوكة روسيا.
لفت إلي أنه وأيا كانت نتائج الحرب ومهما حاولت الضغوط الغربية عرقلة الاستجابة للمطالب الروسية شديدة الصعوبة فان أوكرانيا تبدو الخاسر الأكبر من هذه الحرب حيث ستخرج منها دولة تابعة ومهلهلة وضعيفة واحتمالات تعرضه لاضطرابات قد تستمر لعقود بل وسينتهي معها صورة أوكرانيا كدولة مستقرة.
الحرب في أوكرانيا أنهت ٣ عقود من دمج روسيا في النظام وضخت الدم في عروق الحرب الباردة |
واستبعد المحلل السياسي وجود تأثيرات ملحوظة للحرب في أوكرانيا علي صراعات ممثلة سواء في شبه القارة الهندية أو شطري كوريا أو تايوان مؤكدا أن هناك فيتو دوليا علي احتمالات وجود هذا الصراع ورغبة في استمرار الهدوء في هذه الملفات الساخنة.
وشدد علي أن فقدان المشروع وسيطرة نزعة الاستبداد في المنطقة تجعل المنطقة ابرز الخاسرين من الحرب الدائر ة في أوكرانيا سواء علي الصعيد الاقتصادي أو حتى في تحديد الخيارات إلي أي من طرفي النزاع تميل هذه الأنظمة
الحوار مع المحلل السياسي الدكتور أنس التكريتي أمتد لعديد من القضايا نعرضها بالتفصيل في السطور التالية:
• لقد أسهمت الحرب في أوكرانيا في إرباك العلاقات الدولية وإعادتها إلى مرحلة الحرب الباردة فهل تراها مكرسة عالم متعدد الأقطاب أم أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن نهاية الهيمنة الأمريكية؟
«•» سيناريوهات هذا الحرب متعددة وكلها متاحة بشكل متفاوت سواء نجحت روسيا في تحقيق أهدافها والسيطرة علي أوكرانيا وإسقاط نظام زيلينسكي وتنصيب نظام موال في كييف أو سيناريو اندحار القوات الروسية أمام صمود ومقاومة القوات الأوكرانية المدعومة من التحالف الدولي وانتهاء حكم بوتين بشكل من الأشكال وكذلك سيناريو احتمال توسع دائرة الحرب خارج أوكرانيا بشكل متعمد من جانب روسيا لإرباك المشهد وتأزيمه وتخفيف الضغط الواقع علي هذه القوات في الساحة الأوكرانية وفي هذه الحالة فنحن أمام حرب طويلة الأمد تتوسع لتضم أطرافا أخرى خصوصا من الدول المتاخمة للأراضي الروسية
• من المؤكد أن هناك سيناريوهات أخري لهذا الصراع المستمر؟
«•» السيناريو الرابع يسير في إطار احتمال الوصول لتسوية من خلال الحوار يتمكن بموجبها كل طرف من الاحتفاظ بالأراضي التي استطاع السيطرة عبر العمليات العسكرية فيما ستبقي أوكرانيا تابعة بشكل من الأشكال للغرب لكنه تابع ضعيف ومهترئ وغير مستقر ومعرض لازمات لا تنتهي ومعارك قادمة ومن المهم الإشارة هنا إلي أن هذه السيناريوهات لا تلغي ما يمكن أن نطلق عليه السيناريو الجهنمي والمتمثل في استخدام السلاح النووي رغم انه يبقي احتمالا ضعيفا وقد يكون مستحيل الحدوث
حرب أوكرانيا وعالم متعدد الأقطاب
• وماذا عن تأثير هذه الحرب علي نهاية الهيمنة الأمريكية علي العالم ووجود عالم متعدد الأقطاب؟
«•» أما فيما يتعلق باحتمال أن تؤدي هذه الحرب هذه الحرب إلى نهاية الهيمنة الأمريكية فهذا الاحتمال يصعب القول به بشكل حاسم رغم أننا ربما شهدنا نهاية الهيمنة الأمريكية عبر التغول الاقتصادي الصيني وربما تفرز هذه الحرب ما يمكن أن ن نطلق عليه عالما متعدد الأقطاب ولكن علينا انتظار ما ستسفر عنه المعارك من إعادة ترتيب أوراق النظام الدولي عبر وجود هذا النظام المتعدد الأقطاب المكون من القطب الغربي بزعامة واشنطن وروسيا كقطب أقل حجما مع وجود قطب مستقل وهو الصين.
• وصف الرئيس الأمريكي بايدن في سياقات مختلفة نظيره الروسي بوتين بأنه مجرم حرب تارة أخري بالجزار متجاوزا كل الأعراف الدبلوماسية كيف تري انعكاسات ذلك علي علاقات البلدين؟
المطالب المستحيلة لموسكو والضغوط الغربية علي زلينيسكي تجعل الوصول لتسوية سياسية أمرا بعيد المنال |
«•» وصف بوتين بمجرم الحرب تارة والجزار تارة أخري وحتى المطالبة بإسقاطه ترتبط بعديد من النقاط المهمة منها انه خلال العقود الثلاثة الماضية ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي حدث نوع من التأهيل لموسكو ضمن العالم الجديد والنظام الرأسمالي بل افتريت روسيا من التحول لكيان علماني كما هو سائد في الغرب
بل وامتدت العلاقات لتصل للاتفاقيات الاقتصادية والعقود النفطية الضخمة أي أن روسيا تم احتواؤها شيئا فشيئا ضمن العالم الجديد ولكن ما جري خلال هذه الحرب أن روسيا عادت ٣عقود للوراء والي خانة بعينها كقوة شر في المجتمع الدولي وعامل زعزعة وعدم استقرار للأمن العالمي محكومة بنظام فاشي بشكل يؤكد انتهاء العلاقة الحميمية بينها وبين الغرب وهذا الأمر غدا أهم إفرازات هذه الحرب فلم يعد أمام الإعلام الغربي من هم إلا شيطنة روسيا وتحويلها لأحد أهم محاور الشر في العالم وأصبح الرئيس الروسي بوتين ينعت بأسوأ الألفاظ في تكرار لسيناريو الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وعدد من الرؤساء الذين أراد الغرب اقتلاعهم بشكل من الأشكال .
• غير أن روسيا وبوتين تختلف عن الحكام الآخرين في ظل قوة روسيا الحربية والإستراتيجية؟
«•» كما قلت أن وصف بوتين بأنه مجرم يأتي في ظل هذا السياق المتوتر ولكن هناك أمرا يجب التشديد عليه انه بقدر ما كان الحماس في شيطنة روسيا وبوتين ونعتهم بأسوأ النعوت فأن هذا الحماس الغربي لم يواكبه حماس مماثل في إمداد أوكرانيا بالسلاح الكافي والكفيل بتعديل موازين القوي ديناميكيتها بقدر ما هو تكريس صورة معينة لبوتين وروسيا أمام الرأي العام العالمي بقدر يفوق الرغبة في انقاذ أوكرانيا أو ألحاق الهزيمة بسيد الكرملين.
• تأثيرات الحرب في أوكرانيا ممتدة لعديد من النزعات العالمية المماثلة لاسيما الصراع حول تايوان وتبعيتها لبكين؟
«•» هذا الوضع معقد جدا لاسيما أن الصين وضعت سفنها الحربية في حالة تأهب وتوجهت بها ألي مقربة من تايوان مستغلة انشغال القوات الأمريكية المتمركزة في بحر الصين بما يجري في أوكرانيا ومستفيدة من الانصراف الذهني عنها في خضم المواجهة مع روسيا وذلك لتعزيز نفوذها بل وبقيت الصين في حالة من الترقب لسماع أنباء عن نجاح روسيا في ابتلاع أوكرانيا بشكل لا يجعل هناك مانعا من تكرار الأمر وتصفية هذا الملف المشتعل لأكثر من ٥٠عاما والمستثمر ضدها وهنا تعود أهمية الحرب الروسية الأوكرانية فهي ورغم أن رحاها تدور في الأراضي الأوكرانية إلا أنها أبعادها الإستراتيجية تشغل أذهان صناع القرار في العالم هو أمر تستغله الصين وبل وتستغله للتمدد شرقا وغربا وجنوب غرب وكذلك في تايوان.
• ومن التأثيرات المتوقعة للحرب إمكانية تحريكها للمياه الراكدة في شبه الجزيرة الكورية؟
«•» أما فيما يتعلق بشبه الجزيرة الكورية واحتمالات امتداد هذا الصراع إليها فاعتقد أن هذا الأمر غير مقبول جملة وتفصيلا لا من الغرب ولا من روسيا والصين علي حد سواء في ظل وجود حالة من التوازن لا أقول الاستقرار بين شطري كوريا والرغبة في استمرار معادلة الهدوء الجارية حاليا ولكنة وحال انتصار روسيا في هذه الحرب فقد يشغل هذا الانتصار مخاوف كوريا الجنوبية التي تعد من حلفاء واشنطن للانخراط في اتفاقيات مع جارتها الشمالية لأجل ان تبقي الأمور ضمن معادلة الهدوء الحالية.
• هذا عن تداعيات الحرب علي شبه الجزيرة الكورية فماذا عن تأثيراتها علي الصراع الهندي الباكستاني.
تأثير الحرب علي شبه القارة الهندية وشطري كوريا وتايوان سيبقي محدودا لهذه الأسباب: |
«•» الطرفان الهندي والباكستاني أبديا عدم الرغبة في الانخراط في المعسكر الغربي فعلي سبيل المثال فقد زار رئيس الوزراء الباكستاني موسكو والتقي بوتين في الأيام الأولي للحرب متجاهلا الإدانة الدولية وبل ورد بشكل قاس علي خطاب ورد أليه من الاتحاد الأوروبي يطالبه بإدانة الاجتياح الروسي حيث فضلت إسلام آباد الحياد ولم تتبن موقفا مؤيدا لأحد طرفي النزاع لاسيما ان لها توازنات ومصالح مع كافة الأطراف وليست لديها الرغبة في استفزاز الصين التي تعد اكبر مستثمر في البلاد وبالتالي فقد وجدت انه ليس من مصلحتها الانخراط في النزاع انحيازا لأي طرف أما الهند فقد تبنت نفس الموقف رغم تعاطفها الشديد مع موسكو غير انها فضلت إمساك العصا من المنتصف ورفضت الانخراط في المعسكر الغربي ومن هنا لا اعتقد أن هناك تداعيات ذات قيمة للحرب في أوكرانيا علي الصراع الهندي الباكستاني فلن يحدث تغيير جيوسياسي فيما يخص علاقات البلدين إلا في حالة تعرض طرف للانهيار أمام الأخر يعقبه تسونامي مثل لعبة الدومينو وهو سيناريو لا أرجحه لا الآن ولا في المستقبل القريب بفعل عديد من الأسباب.
• في ظل هذا الموقف المتوتر حذرت واشنطن الصين من عواقب وخيمة حال دعمها للموقف الروسي، أو مساعدتها روسيا علي تجاوز أثار العقوبات ..ما مدي استجابة الصين لهذه التهديدات؟
«•» فيما بتعلق بالتحذير الأمريكي للصين فمن المهم الإشارة إلي أن الصين ليست حليفا لروسيا ولا العكس بل هم بلدان تجمعهما خلافات سياسية وتباينات إيديولوجية ومع هذا فقد أبرما اتفاقيات اقتصادية من حيث تبادل السلع والمنتجات النفطية ونحن كمحللين سياسيين دأبنا حين نصنف الشرق والغرب أن نضع الصين مع روسيا في خندق واحد بشكل تقليدي ولكن الموقف الصيني في هذه الأزمة كان مترددا لفترة قبل ان تبدي تفهمها للقلق الروسي إزاء تمدد الناتو شرقا واقترابه من الحدود الروسية مع إبداء الحرص علي دور الدبلوماسية في إنهاء الأزمة.
• غير أن الأمر لا يبدو بهذه البساطة فهناك مصالح وتعقيدات تجمع علاقات البلدين؟
«•» إذا نظرنا للأمر من زاوية أخري نري أن هناك مصلحة للصين في كسر شوكة روسيا في المنطقة وتقزيم دورها ليصب ذلك في مصلحة بكين في المقابل ستحاول استغلال خروج روسيا رابحة من هذه المواجهة لتيني خطاب أكثر قوة ضد الغرب يعزز مواقف بكين التفاوضية في عديد من الملفات
الصين تستغل حرب أوكرانيا لإضعاف الغرب وكسر شوكة روسيا |
ومن هنا أشير إلى أن الصين لن تصبح طرفا في الحرب الدائرة حرصا علي مصالحها مع الاقتصادية مع أمريكا والاتحاد الأوروبي حاليا ولن تمد روسيا بالسلاح كما ترغب موسكو
ولكنها ستعمل علي تطويع نتائجها لخدمة مصالحها والاستفادة من الإنهاك المتبادل للطرفين بل إنها ستصبح من أكثر المستفيدين من المواجهة بين روسيا والتحالف الغربي حيث ترقب الموقف عن كثب
وتسعي لتمرير عديد من المشاريع ومنها طريق الحرير وإيجاد منافذ بحرية في آسيا والوصول إلى قلب أفريقيا ومن ثم فهي لن تنخرط في هذه الحرب وكونها لا تشكل أولوية بالنسبة لها..
وكما قلنا أن كل السيناريوهات مفتوحة فان تبلور الموقف النهائي للصين والانحياز بشكل واضح لموسكو سيرتبط بتطورات المعركة في الميدان.
• بالعودة إلي لب الصراع نجد مسارين مختلفين استمرار المعارك رغم تراجع حدتها فيما يستمر المسار الدبلوماسي هل تري ضوء في نهاية النفق؟
«•» في اعتقادي أن أوكرانيا تعرضت لدمار كبير ومن قراءتي للأحداث أتوقع تعرضها لدمار مضاعف خلال المرحلة القادم إذا لم يتم التوصل لتسوية
ومن ثم يجدر بي الإشارة إلي أن الأوضاع لن تتغير حتى في حالة فشلت موسكو في تحقيق أهدافها حيث ستغدو أوكرانيا بلدا غير مستقر بل ضعيف ومهترئ وعرضة للتدخل الخارجي والصراعات
والحقيقة هنا أن العرب يتحمل النسبة الأكبر فيما جري لأوكرانيا وشعبها وربما جاء فتح الأبواب أمام اللاجئين الأوكران لتفادي معاناة ٤٠ مليون إنسان في بلد ضعيف ومهلهل وممزق ومعرض لاشتعال الحرب في أي وقت رغبة في تفادي هذه الحالة المحتقنة علي أبواب القارة الأوروبية.
• كأنك تشير إلي أن نتائج هذه الحرب ستفضي إلي حرمان أوكرانيا من الانضمام للاتحاد الأوروبي والناتو؟
الاستبداد وفقدان المشروع جعل المنطقة العربية ابرز ضحايا الحرب في أوكرانيا |
«•» من الصعوبة حاليا الحديث عن أي إمكانية لانضمام أوكرانيا لأي من الكيانات الدولية مثل الناتو والاتحاد الأوروبي اللهم إلا إذا تعرضت روسيا لهزيمة عسكرية نكراء أفضت لنهاية نظام بوتين ففي هذه الحالة سيشعر الغرب بحالة من الهيمنة الكاملة التي ينبغي استغلالها لإضعاف روسيا وإذلالها بل قد لا يتوقف الأمر علي ضم أوكرانيا للناتو والاتحاد الأوروبي بل قد يمتد لإدخال دول متاخمة لروسيا للكيانين وهذا سيناريو يبدو شديدة الصعوبة وبل يعتمد علي نتائج المعركة في الميدان ومع هذا تظل كل السيناريوهات مفتوحة
• وماذا عن مصير المفاوضات الحالية بوساطة تركية وغيرها من الجهود؟
«•» الرئيس الأوكراني ليس لديه مساحة للتفاوض وبوتين ليس من الشخصيات التي يمكن الوصول معها لتسوية سياسية مريحة أو أن يقبل بهذا النوع من التسويات لاسيما أن هناك رغبة روسية عارمة في القضاء علي النفوذ الغربي في أوكرانيا والجيش الروسي يمر مثل البلدوزر يدمر كل شيء او هكذا يرغب فيما يدعم الغرب زلينيسكي ويعده بالدعم ويطالبه بالصمود والمقاومة وهذا نهج قد يجعل الأمور صعبة وشديد الصعوبة خصوصا أن كل طرف يقدم قائمة مطالب مستحيلة وقد لا تحقق الكثير بل وتجعل التطورات الميدانية هي العامل الرئيسي في كتابة نهاية للصراع فهذه التجاذبات تولد صعوبة في الوصول لتسوية رغم أن الاجتماعات تبدو شبه يومية .
• في ظل هذا الوضع المختنق هل يمكن أن تحدث انفراجة؟
«•» هذا الوضع المختنق مفتوحة أم بالاستمرار أو أن نكون علي مقربة من انفراجة خصوصا إذا شعر زيلنيسكي بأن الدبابات الروسية تقترب من دخول كييف والتهام أوكرانيا وفي هذه الحالة قد تحدث الانفراجة واختراق جدار الإخفاق وهذا أمر يعتمد علي ما يحدث في الميدان خصوصا إذا استمرت حالة التردد الغربي في الانخراط بشكل مباشر في المعركة وفي المقابل الأمر قد يتغير علي الصعيد الروسي خصوصا إذا تعرضت القوات الروسية لخسائر كبيرة أو تعثرت خطط موسكو بشكل واضح أو حصلت أوكرانيا علي دعم عسكري كبير يتمثل في مقاتلات حربية أو مضادات للدروع والدبابات وغطاء جوي فساعتها قد تجبر موسكو علي التفاوض وتقديم تنازلات تنهي الحرب.
الغرب مهتم بشيطنة بوتين أكثر من حماسه لتقديم دعم مؤثر لأوكرانيا |
• من الأراضي الأوكرانية نعود للمنطقة بدا الموقف العربي والإسلامي من الأزمة في أوكرانيا مصابا بنوع من التيه والارتباك ؟
«•» يجدر بنا هنا أن نفرق بين الدول والشعوب والأنظمة وكلنا يعرف أن الأنظمة العربية فاقدة للمشروع يتجهون يمينا ويسارا ولا يملكون خيارات التعامل مع مثل هذه الأزمات بشكل يجعلهم عرضة لأسوأ تداعياتها هذه الأزمة سواء سياسيا اقتصاديا أو استراتيجيا لذا من الصعوبة بمكان أن يحقق أي نظام عربي مكسبا من هذه الأزمة أو أن يكون من الأطراف الفاعلة بل ستتحول الأنظمة العربية إلي الخاسر الأكبر من هذه الأزمة في ظل الافتقاد لأي مشاريع تحمل امن دول المنطقة ومنها الأمن الغذائي خصوصا أن الأغلبية الساحقة من الشعوب العربية تعيش تحت خط الفقر وتعاني أغلبها من أزمة في الغذاء والطاقة وليس لديها ما لدي الغرب من شبكات حماية ضد الفقر
الأزمة الأوكرانية واحتمال تحرك الشعوب
• الأمر يتعلق بالتداعيات الكارثية علي دول المنطقة إلا يبدو أن هناك وجها إيجابيا للأزمة؟
«•» أما التأثير الأبرز لهذه المعركة فيتمثل في احتمال تحرك الشعوب العربية ضد هذه الأنظمة التي فشلت في حماية الأمن القومي العربي ومنها الأمن الغذائي ورغيف الخبز مما يهدد باشتعال اضطرابات ذات أبعاد اجتماعية وربما تصل لثورة جياع أو انتفاضة خبز ومن المهم هنا الإشارة إلي أن الوضع العربي مرشح لان يتأزم بشكل كبير في ظل تعاظم الدور الروسي في عدد من البلدان العربية مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن ومدي إمكانية تأثر هذه البلدان بحالة الاختناق الروسي في الميدان الأوكراني حيث ستلجأ موسكو لتفجير هذه الساحات بشكل يصرف نظر الغرب عن التطورات في أوكرانيا فضلا عن محاولة ضرب الاستقرار الهش في المنطقة مما قد يضع امن الدولة العبرية علي المحك بشكل قد يدفع الغرب للقبول بتسوية ما تنهي الحرب في أوكرانيا وتضمن امن روسيا.
إيران أبرز الرابحين من الحرب الروسية الأوكرانية وضوء أحضر أمريكي لتعزيز نفوذها بالمنطقة |
• ما دمنا في المنطقة فيجب إلقاء الضوء علي تأثير الحرب الأوكرانية علي نظام الملالي في طهران؟
«•» إيران تبدو من كبار الرابحين من وراء الحرب الدائرة في أوكرانيا في ظل القدرة الفائقة للإيرانيين علي التفاوض فقد حققت إيران منذ اندلاع الأزمة مكاسب لا حصر لها لو انتظرتها عشرات الأعوام وما حققتها فهي تقترب من تجديد الاتفاق النووي وبالتالي رفع العديد من العقوبات التي أثقلت كاهل اقتصادها فضلا عن إزالة أسماء الحرس الثوري الإيراني وميليشيات غير نظامية إيرانية وموالية لإيران من قوائم الإرهاب الأمريكية بل إن طهران ستحصل علي ضوء أخضر أمريكي في التحرك في العراق وسوريا واليمن بشكل أكثر هيجانا فضلا عن عودة العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن وهي مكاسب تجعل طهران الرابح الأكبر من هذه المعركة.