أهتم دائما بردود الفعل، لا بالفعل نفسه، قل لي ما رد فعلك أقل لك من أنت..
فالفعل أسهل بكثير من رد الفعل، الفعل تدرسه وتخطط له قبل الإقدام عليه، أما رد الفعل فهو الاختبار المباغت الذي يكشف قدرات ومهارات صاحبه في التعامل مع المواقف المختلفة في التو واللحظة، والمستقبل أيضا.
لذلك أهتم جدا بمراقبة ومتابعة الدول في طريقة تعاملها مع الكوارث والأزمات المفاجئة، فمن طريقة التعامل تستطيع أن تميز دولة عن دولة، ونظام عن أخر، وحكومة عن غيرها..
والذي تابع رد فعل الدولة المصرية في مواجهة الأزمة القريبة التي وقعت باندلاع الحرب السودانية، يستطيع أن يلمس دون الحاجة لدليل ملموس أو شهود عيان الفشل الذريع لدولة السيسي في التعامل معها، تلك الأزمة التي ستنعكس أثارها الخطيرة على مصر مثلما انعكست على السودان وشعبه، إن لم تكن الآثار أكبر على مصر، لأنها ستصبح قريبا مطالبة برعاية شعبين -الشعب المصري وشقيقه السوداني- لأن الشعب السوداني لن يجد مكانا ينزح إليه ويؤويه أقرب من مصر..
الفشل المصري في التعامل مع تلك الحرب بدأ قبل حدوثها لا بعد اندلاعها، فحرب كهذه كان من الواجب على جهاز المخابرات المصري التنبؤ بها وتوقع موعد اندلاعها، والاستعداد للتعامل معها بل وبسيناريوهات عدة وليس بسيناريو واحد، خاصة وأنه كانت هناك العديد من الإرهاصات التي كانت تنذر بعراك محتمل بين البرهان قائد الجيش السوداني وحميدتي قائد قوات الدعم السريع وكلاهما يتطلع للفوز بالسلطة، ولعل هذه الإرهاصات هي التي جعلت مصر ترسل قبل الحرب مجموعة من ضباط وجنود الجيش المصري للتمركز بمطار مروي دعما للجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع حال نشوب الحرب المتوقعة، أضف إلى ذلك أن السودان يمثل عمقا استراتيجيا لمصر، وأي تهديد له يمثل خطرا على الأمن القومي المصري وهو ما يستوجب يقظة دائمة من أجهزة المخابرات المصرية مثل يقظتها المفترضة لرد أي عدوان يمكن أن يقع على مصر، والمفروض أيضا أن مصر لديها أعداد غير قليلة من رجال المخابرات المصرية داخل السودان يشغلون العديد من المواقع المهمة بالبلد، ويفترض فيهم أنهم يقدمون لقيادتهم بمصر تقارير دورية عما يشهده السودان يوميا، وما يتوقعون حدوثه مستقبلا.. لذلك كان سقوط مجموعة الضباط والجنود المصريين المتواجدين بمطار مروي كأسرى أو رهائن بأيدي قوات الدعم السريع يمثل فشلا ذريعا للدولة المصرية وهزيمة ساحقة لجهاز مخابراتها، مازال العالم يتحدث عنها حتى الآن!!
وتجسد الفشل المصري في عجز الدولة عن استعادة رجالها من أبناء القوات المسلحة الواقعين تحت الأسر، ورغم الروايات التي يرددها الإعلام المصري والتي تشير إلى أنهم عادوا إلى مصر بعد عدة أيام من الأسر، إلا أنه لا يوجد أي دليل رسمي على عودتهم.. ثم بلغ الفشل المصري مداه في العجز عن استعادة المواطنين المصريين الذين حبستهم الحرب، بل الفشل في استعادة بعثتنا الدبلوماسية التي قتل أحد أفرادها نتيجة قذيفة سقطت عليه بالشارع، وعلى الرغم من أن مصر تعد الأقرب للسودان بين كل دول العالم التي لها جاليات هناك، إلا أن الغالبية العظمى من الدول أجلت رعاياها، وبقي أفراد الجالية المصرية يواجهون صعوبات بالغة في العودة لبلادهم، ولا صحة مطلقا للأنباء المتداولة عن أسراب الطيران التي أطلقتها مصر من أجل إجلاء الرعايا، حتى الأتوبيسات التي يقال إنها تشارك في عمليات الإجلاء الكثير، غير متوفرة وإن توفرت فتكلفتها باهظة، حيث تصل التذكرة فيها لما يقرب الألف دولار للفرد الواحد.. فشل مروع!!
- أحمد سعد يكتب: مرتضى وسقوط ورقة التوت عن دولة المؤسسات! - الجمعة _12 _مايو _2023AH 12-5-2023AD
- أحمد سعد يكتب: «الزومبي عمرو موسى» في مؤتمر الحوار الوطني. - السبت _6 _مايو _2023AH 6-5-2023AD
- أحمد سعد يكتب: حرب السودان والفشل المصري - السبت _29 _أبريل _2023AH 29-4-2023AD