التمهيد:
لقد حظيت اللغة العربية بما لم تحظ به لغة أخرى من عوامل القوة والبقاء.
فهي اللغة التي ولدت في مهد الأبجدية الأقدم في التاريخ الإنساني، وورثت بعض عناصر أمهاتها وأخواتها من لغات الشرق القديم.
كانت اللغة العربية هي لغة العرب قبل الإسلام.
تظهر مكتملة ناضجة في الشعر الجاهلي. فاللغة العربية ليست لها طفولة ولا شيخوخة. تميزت اللغة العربية عن غيرها من سائر لغات الأرض أنها لغة القرآن الكريم الذي أنزل الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول الأمين الصادق بلسان عربي مبين.
اللغة العربية لغة الدنيا
فمن أراد أن يتفقه في الإسلام فيجب عليه أن يستوعب اللغة العربية الفصحى الصحيحة في كل علومها نحوها وصرفها وبلاغتها ومعانيها الدلالية وغيرها من علومها الفرعية.
وأما كون اللغة العربية لغة الدنيا فلأنها يستعملها العرب من ديانات مختلفة كاللغة المشتركة فيما بينهم ويتعلمها المثقفون والمستشرقون لنشر بحوثهم ودراساتهم إلى قراء العربية في الدول من خلال مرّ العصور التي تجمعها جامعة الدول العربية.
فقد أصبحت اللغة العربية بوصفها لغة الأمم العربية لغة العلوم والفنون أي لغة عالمية بعد اعتراف منظمة الأمم المتحدة باستعمالها كلغة اجتماعاتهم بجانب اللغة الإنجليزية والفرنسية فقد ارتفع شأن اللغة العربية وتحتل مكانة مرموقة عند كثير من المثقفين العرب والعجم من أبناء المسلمين وغير المسلمين.
فقد اجتهد هؤلاء لدراسة وتدريس هذه اللغة لكي يستطيعوا أن يقرءوا ويفهموا ما كتب باللغة العربية من قرآن وحديث وما كتبه العلماء والمثقفون العرب من كتب التراث والأعمال الأدبية والعلمية.
فبعد هذا الانتشار و التوسع، بدأ ظهور أفكار وآراء لتطوير اللغة العربية لمسايرة تطور العلم والتكنولوجيا وتكثير مفرداتها واصطلاحات العلوم والفنون.
اللغة العربية لسان الإسلام:
(أ) لغة الدين:
إن اللغة العربية هي اللغة التي تمتد في الزمان قرونا، أطول اللغات الحية عمرا، لسان معجز التنزيل، ولغة البيان النبوي، ووعاء الفكر والمعرفة والحضارة العربية الإسلامية، رمز الهوية، وعنوان تحقيق الذات العربية، جسر التواصل في الفضاء العربي. واللغة العربية فهي اللغة الوحيدة التي حافظت على بنيتها، وكتب لها البقاء والخلود دون تحرف قبل الإسلام.
ثم زادها الله سبحانه وتعالى كرامة وعزة واختارها لغة لكتابه العزيز وحفظت بحفظه، ثم عنى بها أهلها، فليست هنالك لغة نالت من الرعاية والاهتمام والبحث مثلما نالت العربية، وليست هنالك لغة تملك التراث الذي تملكه اللغة العربية.
فاللغة العربية في الإسلام ليست مجرد وسيلة تواصل وترابط إنساني واجتماعي، وإنما هي أكثر من ذلك، فقد اعتبرت أيضا من نعمة من نعم الله تعالى، حيث يستخدم الإنسان هذه اللغة في العبادة ويستخدمها للتقرب من الله ويدافع عن طريقها عن حقوقه ويحقق العدل والمساواة في الأرض.
(ب) لغة المسلمين:
تكمن أهمية اللغة العربية بكونها مرتبطة ارتباطا كبيرا بأكثر الديانات انتشارا في العالم، وهي الديانة الإسلامية، فاللغة العربية ليست لغة المسلمين فحسب، وإنما هي ذاكرة الأمة العربية الإسلامية، ورمز كيانها وثقافتها ووحدتها القومية.
ولذلك فإن اللغة العربية التي ترتبط بالأمة العربية وبالشعوب الإسلامية التي تتكلم العربية روحيا وثقافيا باعتبارها لغة القرآن، ولغة النبي ولغة العبادات، ولغة التراث الإسلامي الذي تعتز به هذه الأمة العربية والشعوب الإسلامية، وتستمد منه خصوصياتها الروحية والثقافية والحضارية.
واللغة العربية هي اللغة التي توحد الأمة العربية، بكونها لغة القرآن الكريم ودستور الإسلام.
(ج) لغة القرآن الكريم:
إن اللغة العربية تستمد قوتها من القرآن الكريم، فهي اللغة التي اختارها الله سبحانه تعالى لكتابه العزيز، واختار آخر الأنبياء ورسله محمد صلى الله عليه وسلم من الناطقين بها.
فهي لغة خالدة بخلود الحياة فوق هذه الأرض. فهي لغة محفوظة بحفظ الله تعالى القرآن الكريم. فالقرآن الكريم هو سر بقاء هذه اللغة التي لا تشابها لغة في كافة الأمم والشعوب.
قال الله تعالى: {وإنه لتنزيل من رب العالمين} وقال تعالى في موضع آخر: {نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين، بلسان عربي مبين}
إن اللغة العربية ليست هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم فحسب، وإنما هي اللغة التي فتحت آفاقا جديدة وبلادا أوسع، لاعتناق ما جاء القرآن الكريم.
فقد حفظ الله تعالى القرآن بسحر بيان اللغة، وبقدسية القرآن نفسه، فحين يقول سبحانه وتعالى: {إنا جعلناه قرآنا عربيا}
ويدل هذا أن الله تعالى قد اختار لكتابه العزيز أفصح اللغات وهي اللغة العربية.
إن ارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم جعلها محفوظة بحفظه وباقية ببقائه.
هكذا أعطاها سبحانه وتعالى الخلود والبقاء حتى يوم الساعة.
(د) لغة الرسول صلى الله عليه وسلم:
اللغة العربية هي لغة الوحي الرباني والرسول الخاتم ، بها تقام الصلاة وأركان الدين المتين التي يؤيه بها السلمون من شتى الأجناس في جميع أقطار الأرض على مدار الليل والنهار.
إن اللغة العربية هي لغة الأم للرسول الذي أنزل على قلبه القرآن لسان عربي مبين.
وهي لسان أهل السماء, بها تنزل الوحي على أصحاب الرسالات، فيترجم كل رسول ما أوحي إليه إلى لغة قومه،
مستدلين بالآية القرآنية {ما أرسانا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم}
واللغة العربية هي لغة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الخلق أجمعين، فلغته إذا أفضل اللغات، واللغة العربية محفوظة،
لأن الله سبحانه وتعالى قد حفظ القرآن الكريم, وهي محفوظة بحفظ القرآن الكريم. قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظين}
(ه) لغة أهل الجنة:
وقد تكلّم العلماء قديمًا وحديثًا عن اللّغة التي يتخاطب بها أهل الجنّة فيما بينهم، فمن العلماء من قال إنّهم يتكلّمون باللّغة العربيّة التي هي لغة القرآن الكريم التي شرّفها الله تعالى لذلك، وبسبب أنّ هذه الأمّة هي الأمّة صاحبة الرّسالة الخاتمة.
فقد جاء في تفسير مجمع البيان للعلامة الطبرسي رحمه الله أنه روى إبنُ عباس عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال :
«أُحبُّ العرب لثلاث: لأني عربي، و القرآن عربي، و كلام أهل الجنة عربي».
واختارها الله لتكون لسان دينه ورسالاته، كما تميزت اللغة العربية بنموها وتطورها بشكل سريع. فيمكن القول إن اللغة العربية هي اللغة التي كانت في الجنة، عندما كان فيها نبينا وأبونا آدم عليه السلام،
وهي اللغة التي علمها الله تعالى إياه وعرفه بأسماء كل شيء. وهي اللغة التي يتكلم بها الإنسان في الآخرة.
اللغة العربية: لغة العلوم والفنون:
لم يكن أهل العربية من المحدثين بأقل حماسا غيرهم في رصد خصائص لغتهم، فهي في نظرهم لغة عالمية، واسعة الانتشار، دقيقة التعبير.
لاحظ العلماء نحو اللغة العربية بأساليب مختلفة كاكتساب كثيرا من مفرداتها معاني جدية، أضيفت إلى معانيها التي كانت في أصل الوضع،
فكلمات مثل: النفس الروح، العقل، لم تعنى في مصر ما قبل الإسلام، ما أصبحت في العصر الإسلامي.
(أ) الملكة في إنشاء الاصطلاحات:
إنّ اللّغة العربيّة هي المادّة الأساس للقرآن الكريم والسُّنّة الشَّريفة. وقد أوصل الشّارع المقدَّس أحكامَه من خلال هذه اللّغة، التي وُصفَتْ بوفرة مفرداتها.
فمثلا قررت اللّغة العربيّة في المفردات والمصطلحات الدقيقة، التي تحدِّد المعنى المراد بوضوحٍ دون لَبْسٍ.
ولا يخفي على أحد أن اللغة العربية من أمتن اللغات تركيبا، وأوضح بيانا، وأعذب مزاقا عند أهلها.
ويقول ابن خلدون في هذا الصدد: وكانت الملكة الحاصلة العرب من ذلك الملكات، وأوضحها بيان عن المقاصد.
ومن الأمثلة على هذا-
- إشارات الجغرافيين إلى تسميات أهل البلدان للأشياء.
- مثلما يدخل تحت هذا من جهود الباحثين العرب ( لغويّين وجغرافيّين ) :
ما ذكره المقدسي من تسميات بعض البلاد للأشياء.
أهل مكة المكرمة يسمّون ما نزل عن المسجد الحرام المسفلة، وما ارتفع عنه المعلاة.
أهـل مكة يسمّون حِجْر إسماعيل الحَطيم .
أهل مكـة يسمّون المَنّ المعروف الرطل .
أهـل العراق يسمّون كل ما كان وراء الفرات شاماً .
أهل الأندلس يسمّون الرستاق إقليماً .
- ما ذكره ابن بطوطة من تسميات بعض الشعوب للأشياء مما ذكره من تسميات العرب :
المصريون يسمّون الفندق (الخان)
أهـل مكة يسمّون القُفّة (المِكْتَل)
أهل جزيرة سواكن يسمّون رئيس المركب (الرُبّان)
(ب) ملكة تذييب الاصطلاحات:
ويقول الغزّاليّ: «معاني الاسم ثابتةٌ في الأزل، ولم تكن الأسماء؛ لأن الأسماءـ عربيّة أو أعجميّةـ كلّها حادثةٌ،
والأسماء التي سيلهمها الله لعباده، ويخلقها في أذهانهم، وفي ألسنتهم، أيضا معلومةٌ عنده» .
يشير الغزّاليّ إلى أن الإلهام الإلهيّ هو الذي دفع الإنسانـ العربيّ والأعجميّ إلى اختيار الاسم الحادث للمعنى الثابت.
كان لعلمَيْ الفقه وأصوله مثلاً أثرٌ واضح في وجود مصطلحاتٍ عديدة ومتنوّعة،
أضْفَتْ على اللّغة العربيّة نموًّا من خلال المصطلحات الجديدة، مثل: «القياس»، و«العلّة»، و«الظاهر»، و«الشرط» و«اللَّغْو»، و«الإجماع»، و«الاستنباط»، وغيرها من المصطلحات.
لقد تأثر الفرس بألفاظ العرب، لحبهم للعربية، فأدخلوا تعابيرها في جسد لغتهم، لكي تتطور وتنمو وتتساير مع الركب الحضاري وتصبح لغة عالمية،
لأن اللغة العربية كانت لغة دين وأدب وفكر، ولغة ثقافة وحضارة. وهكذا دخلت الكثير من الألفاظ العربية في اللغة الفارسية.
وتأثرت اللغة الأردية بالعربية أولا ثم بالفارسية ثانيا،
هي لغة بلاد الهند الإسلامية التي غزاها الفرس في القرن لرابع الهجري والتي عبرت عن حضارة الإسلام في شبه القارة الهندية.
ولقد كان العرب همزة الوصل مع الشرق بوساطة فارس والروم، وكانوا نقلة علوم الملاحة والتجارة إلى الغرب،
كما أن ثقافتهم الخاصة قد قدمت موضوعات جديدة ونظما جديدا في مجال الفن العسكري والعمارة والنسيج، وهذه التأثرات بارزة في اللغة العربية من ألفاظ مقترضة.
يقول الله سبحانه وتعالى في أصحاب الكهف: ﴿… فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ…﴾ والوَرِق:
هي العملةُ السائدة عند قوم أصحاب الكهف حينئذٍ، ولا شكَّ أنّ هذه العملةـ حَسْب ذكر الله لهاـ من الذَّهَب،
ونجد في لسان الذين أُرسل إليهم:
aura (latin); oro (italien-espagnol); or (francais).
ذكر اللهُ «الرواسي» في القرآن 9 مرّاتٍ، كلّها تدلّ على سلسلة جبالٍ. ونجد لفظ oros في لسان الإغريق بمعنى الجبل.
ونجد aures باللسان الأمازيغي، وهي سلسلة الجبال الشرقيّة المعروفة في الجزائر بـ: aures.
وقد عزز هذه المكانة اللغة العربية اهتمام أولي الأمر بها، وإعلاؤهم بشأنها –
بدءا من الخلفاء الراشدين في مجالسهم ومحافلهم، وانتهاء بالعمالين في مجالات الدولة المختلفة من الوزراء والكتاب والأخرين.
وليس أول على هذه المكانة من نسميه رسول الله اللحن في القول ضلالا وذلك عندما لحن أحدهم في حضرته فقال: «أرشدوا أخاكم، فقد ضل»
(ج) حضانة اللغة العربية بالعلوم:
ولعل في كلمة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عامله أبي موسى الأشعري ما يؤذون بهذه المكانة وذلك الاهتمام، فقد كتب إليه:
«خذ الناس بالعربية، فإنها تزيد في العقل وتثبت المروءة».
بل، وإن ولادة علم النحو كانت بإيعاز من الخليفة الرابع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه فإليه ينسب هذا العلم الجليل، وهو الذي أمر أبا الأسود الدويلي أن ينحو نحوه»
ولقد أفسح العرب مجالا لتقدم العلوم والفنون ورفعوا منارة المدينة والحضارة أكثر من خمسة قرون، بينما كانت قارة أوروبا غارقة في سبات عميق،
ولما آفاق الغربيون من سباتهم أخذوا يترجمون من العربية إلى اللاتينية،
ولم يقتصر على كتابات العربية الأصلية، بل ترجموا أيضا ما نقله العرب من العلوم عن قدماء الإغريق.
إن اللغة العربية قد أثرت تأثرا قويا وبعيد المدى في اللغات الأخرى التي عاصرت نزول القرآن،
ولقد حفلت الشعوب الإسلامية بحظ وافر من الألفاظ العربية،
ليست لها وجود في تلك اللغات إلا بواسطة الرابطة والاحتكاك. وهكذا نجد أن الكثير من الألفاظ العربية استطاعت اللغات الأخرى.
(د) دور العربية في ابتكار العلوم والفنون:
حتى إذا انساح الفاتحون المسلمون في الأرض، ووقعوا على كنوز العلوم القديمة، من فارسية وهندية ويونانية ورومانية،
نشأت حركة ترجمة غير مسبوقة، ابتداء من القرن الثاني للهجرة، وكان ذلك امتحانا جديدا للغة الصحراء، فما خذلت تلك اللغة أهلها.
وقد استخرج الدكتور عبد الصبور شاهين معجما كاملا لأمراض العين وأوصاف أجزائها من كتاب القانون لابن سينا،
علما بأن 90% من أسماء الكواكب والنجوم المعروفة اليوم قد تمت تسميتها بأسماء عربية بواسطة الفلكيين العرب،
ولو أردنا ضرب الأمثلة لما وسعتنا الكتب والمجلدات.
المصطلحات العلمية التي وضعها هؤلاء العلماء القدماء وما زالت موجودة ومستخدمة إلى الآن، كمصلح «الجبر»
الذي أصبح علَماً على العلم الخاص بذلك وانتقل إلى اللغات الأخرى الحديثة،
وهل تعلمين مثلاً أن مصطلح «الصفر» وهذه القيمة الحسابية جزء كبير من اكتشافها يرجع للخوارزمي ـ مصطلح عربي، وتطوره الحديث في اللغات الأوربية الحديثة هو zero بأشكاله المختلفة.
اللغة العربية: لغة عالمية وعنصر العلوم:
وقد أصبحت اللغة العربية اللغة العالمية الأولى في مختلف العلوم والفنون في عصر ازدهار الحضارة العربية الإسلامية منذ القرن الثالث الهجري، وإن عالمتها ظهرت واضحة عندما كانت البعثات العلمية في مختلف الأقطار الأوربية.
ولقد بلغت اللغة العربية في أوج ازدهار في القرن الرابع الهجري وأصبحت أغنى وأبسط وأقوى وأرق وأمتن وأكثر اللهجات الإنسانية مرونة وروعة.
فللغة العربية ليست لغة العرب والمسلمين فحسب، بل هي لغة عالمية ذات انتشار الواسع في مختلف أقطار العالم.
إن القرآن حين وسع الدلالة اللفظية، منح ألفاظ اللغة مرونة هائلة وصلاحية باهرة للتعبير عن مختلف المعاني الطارئة في حياة الناس،
لقد فك الألفاظ من إسارها وأطلقها من عقالها وقال لها:
«انطلقي في هذه الدنيا فعبري عن كل ما تصادفين من واقع أو إبداع حضاري، وبذلك اتسعت العربية لكل مستحدث في العلم، أو مستنبط من الفكر».
ومن الناحية التاريخية يمكن القول:
إن التمازج بين الحضارة الإسلامية، وحضارات البلاد التي فتحها المسلمون الأوائل،
بدأ فعليا منذ منتصف القرن الثاني الهجري،
وهو ما جعل العربية لسان العلماء في تلك الفترة،
ولزمن طويل بعد ذلك، سواء في العلوم النظرية: علوم القرآن والحديث والفقه والسيرة.. إلخ،
أو في العلوم التطبيقية: الطب والصيدلة والفلك والكيمياء.. إلخ،
أي لغة العلم بمفهومه الحديث. كذلك وضعت اللغة العربية جذورها في العلوم من خلال طريقة ما يلي:
(أ) المؤسسات المتخصصة
(ب) الجامعات والتعريب
(ت) التأليف والخطوط
(ج) اللغة العربية والإعلام العربي
أما على الصعيد الإعلامي والجماهيري،
فإن ما ينشر ويذاع ويبث من مواد علمية في وسائل الإعلام العربية المختلفة،
المطبوعة والمرئية والمسموعة والرقمية، دليل لا يحتمل الشك على المقدرة الفائقة للغة العربية، للتعبير عن كل المجالات العلمية.
قناة الجزيرة:هي قناة تلفزيونية إخبارية حكومية تابعة لشبكة الجزيرة الإعلامية، تأسست في 1 نوفمبر 1996، ويقع مقرها في العاصمة القطرية الدوحة.
في البداية بدأت بوصفها قناة فضائية للأنباء العربية والشؤون الجارية ومنذ ذلك الحين مع نفس الاسم «الجزيرة»،
توسعت القناة لتصبح شبكة إعلامية دولية بعدد من المنافذ، منها شبكة الإنترنت وقنوات تلفازية متخصصة في لغات متعددة في عدة مناطق من العالم.
(د) علم الحاسوب:
لقد ظهر في بداية القرن العشرين علم جديد تُرجم إلى عدة مصطلحات في اللغة العربية هي: علم اللغة الحديث وعلم اللغة العام واللغويات واللسانيات،
وفي المقابل نحن بحاجة إلى تطويع اللغات الإنسانية لتصبح أداة طيّعة في يد الحاسب معتمدا علي لغة خوارزمياة التي ابتكرها خوارزم قبل عصور مديدة.
أوربا تنقل علمنا:
يرى الباحثون في تاريخ الحضارات وفي تاريخ العلم -حتى من الأوربيين أنفسهم- أنه كان للعرب دور بارز في تكوين الفكر الأوربي،
وأنه أكثر بروزًا في العلم بمختلف فروعه: الطب، والطبيعة، والكيمياء والفلك، والرياضيات، والتاريخ الطبيعي، والفلاحة.
وقد تم انتقال علمنا إليهم من خلال الاحتكاك الحضاري في ثلاث مناطق: الشرق العربي إبان الحروب الصليبية،
وصقلية في أثناء حكم العرب لها حيث كان التفوق للحضارة العربية، والأندلس الإسلامية خصوصًا مدينة قرطبة.
أما كتب الرازي، وابن سينا، والزهراوي، فقد نالت عناية فائقة في ترجمتها وطبعها،
وظلت تدرس في جامعات أوربا عدة قرون، في «مونبلييه» و«رانس» و«بولونبا» و«بادوا» و«أورليان» و«نابلي» و«اكسفورد» و«كمبردج» و«انجيه»،
حيث أنشئت فيها مدارس للطب، وكلها كانت تستخدم الكتب العربية المترجمة إلى اللاتينية، أساسًا لتدريس الطب.
التمكن في اللغة العربية
وهكذا بات التمكن في اللغة العربية وامتلاك ناصية البيان، فصاحة اللسان، قيمة مقدسة ومكرمة متوارثة وفضيلة يتداعي إليها الناس،
فينشئ الوالد ابنه عليها، وتدعو القبيلة أبنائها إليها، بل تفتخر عن أشهر بها أو عرف بالتمكن منها، يتغنى الشعراء بمن حازها،
يلقون بالملائمة على من افتقدها، ويعدون ذلك عيبا فيه. ويقول الثعالبي رحمه الله تعالى: «إن من أحب الله، أحب رسوله المصطفى صلى اله عليه وسلم،
ومن أحب النبي صلى الله عليه وسلم، أحب العرب، ومن أحب العرب، أحب اللغة العربية
التي بها نزل أفضل الكتاب على أفضل العجم والعرب، ومن أحب العربية عنى بها وثابر عليها، وصرف همته إليها.
فالعربية هي اللغة التي قدر لها أن تستمر وتدوم. ولا عجب فهي لغة القرآن الكريم، ولغة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولغة أهل الجنة، حفظت بحفظ القرآن الكريم إلى يوم الدين.
ومع أن اللغة العربية قاطبة، إلا أنها لغة عالمية، يتكلم بها المسلمون في شتى بقاع العالم. قد اصبحت لغة إنسانية منذ ظهور الإسلام.
أبدعت حضارة راقية، أشعلت الأنوار التي بدت ظلمات العصور الوسطى في العالم،
انبثق فجر النهضة في أوربا الذي قام بها على أساس من التراث العربي الإسلامي باللغة العربية بطريقة مباشرة نقلا عن المؤلفات العربية.
إذن فاللغة العربية هي اللغة السامية الوحيدة التي قدر لها أن تحافظ على وجودها وأن تصبح لغة العلوم والفنون شرقا وغربا وتستمر.
•••
أبو حمدان سعيد المرتضى سعدي
باحث الدكتوراه – جامعة شيتاغونغ، بنغلاديش
- سعيد المرتضي سعدي يكتب: الشعر البنغالي في الضوء الإسلامي - الأحد _6 _نوفمبر _2022AH 6-11-2022AD
- سعيد المرتضي سعدي يكتب: الاتجاه الإسلامي في الشعر البنغالي - الأحد _2 _أكتوبر _2022AH 2-10-2022AD
- سعيد المرتضي سعدي يكتب: اللغة العربية لغة العلوم والإسلام - الجمعة _27 _مايو _2022AH 27-5-2022AD